7
المقدمة
هذا الكتاب يتعرض لما وراء الفقه، لا للفقه نفسه. فإنَّ للفقه، كسائر العلوم، ارتباطات بعلوم عديدة و معلومات كثيرة، خارجة عن صيغته الأساسية. و هذه هي المادة الخام لهذا الكتاب.
و ليس الفقه وحده هكذا، بل كلّ العلوم تقريباً بل تحديداً هكذا.
تفترق في بعض الحقول، و تلتقي في حقول أُخرى. و يكون مورد التقائها أساسياً في أحد العلمين، و ثانوياً بالنسبة إلى العلم الآخر. فعلم الفلك و الفيزياء يلتقيان، و كذلك الفيزياء و الكيمياء، و كذلك الطبّ و الصيدلة، و كذلك علم النفس و علم الاجتماع، و كذلك الرياضيات بكلِّ تلك العلوم.
و كذلك الهندسة بعدد من تلك العلوم و هكذا. و كذلك بالنسبة إلى العلوم الإِنسانية فإنَّ المنطق يلتقي بالفلسفة، و الفلسفة بالعرفان، و يلتقي الفقه بالعربية، و يلتقي علم الأصول بالمنطق و بالفلسفة، و يلتقي علم النحو بعلم اللغة. إلى غير ذلك كثير.
و إذا بحثنا في الفلسفة كان تعرّضنا للمسائل المنطقية مثلاً أو النَّحويَّة جانبيّاً أو ثانويّاً. و إِذا بحثنا في الفيزياء كان تعرّضنا للفلك أو الكيمياء جانبيّاً نسبيّاً و هكذا. إذن فبمقدار ما يتعرّض المختصُّون في علم معيَّن إلى حقول و مسائل العلوم الأُخرى، يكون تعرّضهم هذا ممَّا وراء ذلك العلم، يعني كأَنه بمنزلة المبحث الجانبي أو الثانوي فيه. و هذا لا يقتضي التقليل من أهميته