22على الوقوفين، و أمر الأصحاب بالعدول إلى العمرة، و قال: دخلت العمرة في الحجّ، أي حجّ التمتع و فقهه، أنّ الناس لم يكونوا يعتمرون في أيّام الحجّ، و الأخبار الناطقة بأنّه صلى اللّه عليه و آله أحرم بالحجّ وحده كثيرة.
و ممّا يصرّح بجميع ذلك ما رواه الصدوق في العلل بإسناده عن فضيل بن عياض أنّه سأل الصادق عليه السلام عن اختلاف الناس في الحجّ، فبعضهم يقول: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله مهلاّ بالحجّ. و قال بعضهم: مهلاّ بالعمرة، و قال بعضهم: خرج قارنا، و قال بعضهم: خرج ينتظر أمر اللّه عزّ و جلّ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: علم اللّه عزّ و جلّ أنّها حجّة لا يحجّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بعدها أبدا، فجمع اللّه عزّ و جلّ له ذلك كلّه في سفرة واحدة ليكون جميع ذلك سنّة لأمته، فلمّا طاف بالبيت و بالصفا و المروة أمره جبرئيل أن يجعلها عمرة إلاّ من كان معه هدي، فهو محبوس على هديه لا يحلّ، لقوله عزّ و جلّ «حَتّٰى يَبْلُغَ اَلْهَدْيُ مَحِلَّهُ» فجمعت له العمرة و الحجّ.
و كان خرج على خروج العرب الأول، لأنّ العرب كانت لا تعرف إلاّ الحجّ و هو في ذلك ينتظر أمر اللّه عزّ و جلّ و هو عليه السلام يقول: الناس على أمر جاهليتهم إلاّ ما غيّره الإسلام، و كانوا لا يرون العمرة في أشهر الحجّ، و هذا الكلام من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إنّما كان في الوقت الذي أمرهم بفسخ الحجّ، فقال: دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة، و شبك بين أصابعهيعني في أشهر الحجّقال فضيل: قلت:
أ فنتعبّد 1بشيء من الجاهلية؟ فقال: إنّ أهل الجاهلية ضيّعوا كلّ شيء من دين إبراهيم عليه السلام إلاّ الختان و التزويج و الحجّ، فإنّهم تمسّكوا بها و لم يضيّعوها 2.
و في الصحيح عن الحلبي عنه عليه السلام: إنّه صلى اللّه عليه و آله أهلّ بالحجّ و ساق مائة بدنة و أحرم الناس كلّهم بالحجّ لا يريدون العمرة، و لا يدرون ما المتعة حتّى إذا قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله مكّة طاف بالبيت و طاف الناس معه، ثمّ صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام و استلم الحجر، ثمّ أتى زمزم فشرب منها و قال: لو لا أن أشقّ على