283
قتلته فعليّ ديته، و من عليّ ديته فأنا ديته» 1، و جهله استغراقه في التوحيد و عدم التفاته بما سوى اللّه، فحينئذ لا يعلم إلا اللّه، و لا خبر عنده عمّا سوى اللّه.
و قد قال أرسطاطاليس: «ربّ جهل يكون أشرف من العلم» .
و قد تقرّر في العلوم الأدبيّة أنّ الكون التامّ لا خبر له، و أنّ الكون الناقص له الخبر.
و أوتي في الموضعين بصيغة المبالغة، لأنّ الظالم من يظلم غيره، فمن يظلم على نفسه فهو الظلوم، و الجاهل من يجهل غيره، فمن يجهل الممكناتحتّى نفسهفهو الجهول.
(و ارجعي) في قوله تعالى يٰا أَيَّتُهَا اَلنَّفْسُ اَلْمُطْمَئِنَّةُ. اِرْجِعِي إِلىٰ رَبِّكِ رٰاضِيَةً مَرْضِيَّةً -الآية-[89/27-28]و الرجوع التكويني إلى اللّه معلوم، و للنفوس المتألّه مشهود، إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ [2/156]، «من كان للّه كان اللّه له» 2.
(و كحملنا) في قوله تعالى وَ لَقَدْ كَرَّمْنٰا بَنِي آدَمَ وَ حَمَلْنٰاهُمْ فِي اَلْبَرِّ وَ اَلْبَحْرِ [17/70]، و الحمل التكوينيبعد حفظ ظاهر الآيةسياحتهم في برّ عالم الصور الماديّة و البرزخيّة و سباحتهم في بحر عالم الأرواح المتعلّقة و المرسلة، و بالجملة إيداع الكلّ في وجوده كما قال الحكماء في تعريف الحكمة 3«إنّها صيرورة الإنسان عالما عقليّا مضاهيا للعالم العيني» ، و المضاهاة ما دام كون العلم حصوليّا، و أمّا في الحضوريّ فلا، فإنّه العلم بنفس المعلوم، لا بصورته المساوية.