262
كذاك للسالك جوع و سهر
و عزلة رضا و تسليم سير
لظاهر الحجّة الاغتراب جا
للسرّ أن من إلف الأهوا أخرجا
في الظاهر تبديل أرض و سما
الباطن تبديل قلب و قوى
تعرف نفسك فتعرف ربّكا
بل زن بوصفه شهود نفسكا
بعد خبرو كذا (ينقدن للكبير و الصغير: كذاك للسالك جوع و سهر و عزلة) و (رضا و تسليم سير) أي لا بدّ أن يكون هذه خصالا و أخلاقا له.
و من التطابق بين الحجّين ما قلنا أوّلا (لظاهر الحجّة) أي للحجّة الظاهرة (الاغتراب) من 1الأهل و الأولاد و البلد و نحوها (جا) -مقصورو (للسرّ) أي للحجّة السرّية أيضا اغتراب هو (أن من إلف الأهوا) أي من الانس بالمهويّات الجزئيّة المغيّاة بالغايات الوهميّة (أخرجا) و اغتربا وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهٰاجِراً إِلَى اَللّٰهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ اَلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اَللّٰهِ [4/100].
و ما قلنا ثانيا (في الظاهر) أي في الحجّ الظاهر (تبديل أرض) بالنقل من مكان إلى مكان و من بلد إلى بلد (و) تبديل (سما) من مسامتة مناطق و نقاط و أقطاب و مدارات، و محاذاة كواكب ثوابت و سيّارات، كذلك (في) الحجّ (الباطن تبديل) سماء (قلب و) أرض (قوى) .
و إذا تبدّل وجودك (تعرف نفسك فتعرف ربّكا) لأنّ اللّه تعالى عملها ذاتا و صفة و فعلا على شاكلته، و جعلها أكبر آيتهكما بيّن في موضعه.
(بل زن بوصفه شهود نفسكا) ، فيه إيماء إلى معنى آخر لقوله عليه السّلام 2«من عرف نفسه فقد عرف ربّه» غير المعاني المشهورة، و هو أنّ من عرف نفسه أخيرا، فقد عرف ربّه أوّلا، أي جعل معارف الربّ ميزانا لمعرفة النفس، إذ العلم الحقيقي بالمعلول طريقة العلم بالعلّة، و أولى البراهين بإعطاء اليقين