170
حوارية الحج
بوله عاشق قديم لم يندمل بعد جرح عشقه، و بحرقة مولع متيم عاد لتوه من نعمى لقاء باذخ، راح ابي يقص عليّ ذكريات حجته الاولى، و في عينيه فتور مستثار، و على لسانه خدر ناعم، و فوق فمه ابتسامه مشربة بحب تحاول ان تفصح عن نفسها، فيمنعهاكما يبدو- حياء مهيب و وقار و جلال بهي.
قلت لأبيو قد استثارتني حالته تلك-: أراك تتحدث عن حجتك الاولى كما يتحدث مغرم عن سعادة وصاله الأول.
قالو قد تهدج صوته و تكسر و هو يخاطبني-: و انا استعيد معك الآن شريط ذكريات ذلك الشوط الممتع، استرجع بشوق رافق دفء و عذوبة و نشوة، ذلك الهوى الممض المبرح المغروس في القلب. أ لم تقرأ قوله تعالى وَ إِذْ جَعَلْنَا اَلْبَيْتَ مَثٰابَةً لِلنّٰاسِ وَ أَمْناً ، و قوله تعالى على لسان نبيه إبراهيم عليه السّلام رَبَّنٰا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوٰادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ اَلْمُحَرَّمِ رَبَّنٰا لِيُقِيمُوا اَلصَّلاٰةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ اَلنّٰاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ .
و ها هو ذا فؤادي يهفو ثانية الآن كما هفا أول مرة لذلك البيت الطاهر في الوادي المقفر، المسكون بجلال الوحي، الخصيب بالنور