405و أخرج البخاري في صحيحه،و الترمذي في سننه،و البيهقي في السنن الكبرى و غيرهم،بأسانيدهم عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال:ما عندنا شيء إلا كتاب الله و هذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه و سلم:المدينة حرَمٌ ما بين عائر إلى كذا،من أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين،لا يُقبَل منه صرف و لا عدل،و قال:ذمَّة المسلمين واحدة،فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين،لا يقبل منه صرف و لا عدل،و من تولى قوماً بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين،لا يقبل منه صرف و لا عدل 1.
و أكثر تلكم الروايات المروية عندهم ظاهرة في أن تلك الصحيفة كانت مشتملة على أمور أخرى غير ما ذكر في الحديث،بدليل تفاوت الأحاديث طولاً و قصراً في بيان ما حوتْه تلك الصحيفة.
و من غير البعيد أن تحتوي تلك الصحيفة على قواعد كلية عامة عُبِّر عنها في الحديث ب-(أحرف يَفْتَح كلُّ حرف منها ألفَ حرف).
و لعل المراد بالحرفين اللذين خرجا قاعدة(لا يُقتل مسلم بكافر)،و قاعدة(من تولَّى قوماً بغير إذن مواليه)،فإنهما قاعدتان ينفتح منهما مسائل كثيرة متشعبة.
و أما العلة التي من أجلها أخفى الإمام عليه السلام باقي ما في الصحيفة إلا اليسير الذي خرج منها،فلا ندري بها،و الإمام عليه السلام أعرف بتكليفه،و هو عليه السلام أدرى بأهل عصره،و نحن لسنا مكلَّفين به على فرض تحقّقه.
هذا مع أن أحاديث أهل السنة ظاهرها أنه عليه السلام أظهر شيئاً منها لا كلّها،و عليه فالإشكال نفسه يرد عليهم،بل وروده عليهم أولى باعتبار صحَّة أحاديث الصحيفة عندهم،و عدم اعتقادهم بأن الإمام عليه السلام كان يتَّقي من أهل عصره.