27الفقر و الفاقة و الحاجة و الاضطرار و الخضوع، و يحضر قلبه و خاطره اليهم و الى مشاهدتهم بعين قلبه لا بعين بصره لأنَّهم لايبلون و لا يتغيّرون، ثم يثني على الله تعالى بما هو أهله، ثم يصلّي عليهم و يترضّى على أصحابهم، ثم يترحّم على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم يتوسّل إلى الله تعالى بهم في قضاء مآربه و مغفرة ذنوبه، و يستغيث بهم، و يطلب حوائجه منهم، و يجزم بالإجابة ببركتهم و يقوّي حسن ظنّه في ذلك، فإنَّهم باب الله المفتوح، و جرت سنّته سبحانه و تعالى بقضاء الحوائج على أيديهم و بسببهم، و من عجز عن الوصول فليرسل بالسلام عليهم، و يذكر ما يحتاج إليه من حوائجه و مغفرة ذنوبه و ستر عيوبه إلى غير ذلك؛ فإنَّهم السادة الكرام، و الكرام لا يردُّون من سألهم و لا من توسّل بهم و لا من قصدهم و لا من لجا إليهم.
هذا الكلام في زيارة الأنبياء و المرسلين عليهم الصلاة و السلام عموماً. ثم قال:
فصل: و أمّا في زيارة سيّد الأوّلين و الآخرين صلوات الله عليه و سلامه فكلُّ ما ذكر يزيد عليه أضعافه... و من اعتقد خلاف هذا فهو المحروم، ألم يسمع قول الله: (وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جٰاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّٰهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ) . 1 فمن جاءه و وقف ببابه و توسّل به وجدالله توّابا رحيماً؛ لأنَّ الله منزَّه عن خلف الميعاد، و قد وعد سبحانه و تعالى بالتوبة لمن جاءه و وقف ببابه و سأله و استغفر ربّه، فهذا لا يشكُّ فيه و لا يرتاب إلّا جاحد للدين