60
من الأخبار المصرحة بالوجوب إن أطاق المشي بعضاً أو كلا، بدعوى أنّ مقتضى الجمع بينها و بين الأخبار الأُوَل حملها على صورة الحاجة مع أنّها منزلة على الغالب بل انصرافها إليها. و الأقوى هو القول الثاني لإعراض المشهور عن هذه الأخبار مع كونها بمرأى منهم و مسمع، فاللازم طرحها أو حملها على بعض المحامل كالحمل على الحج المندوب و إن كان بعيداً عن سياقها، مع أنّها مفسرة للاستطاعة في الآية الشريفة، و حمل الآية على القدر المشترك بين الوجوب و الندب بعيد، أو حملها على من استقرّ عليه حجّة الإسلام سابقاً و هو أيضاً بعيد، أو نحو ذلك. و كيف كان فالأقوى ما ذكرنا، و إن كان لا ينبغي ترك الاحتياط بالعمل بالأخبار المزبورة، خصوصاً بالنسبة إلى من لا فرق عنده بين المشي و الركوب أو يكون المشي أسهل، لانصراف الأخبار الأُوَل عن هذه الصورة، بل لولا الإجماعات المنقولة و الشهرة لكان هذا القول في غاية القوّة.
مع تخلية السرب و سلامته و سعة الوقت، بحيث يمكن مع الخروج إدراك المناسك في أوقاتها؛ و المراد بالزاد ما يتقوت به الإنسان في الطريق و المنازل ذهاباً و إياباً و عند القيام بالأعمال، كما أن المراد بالراحلة الوسيلة المناسبة لقطع المسافة بها ذهاباً و إياباً سواء كان بملك عينها أو باستئجارها.
و على الجملة كما يأتي أن يكون عند المكلف مال كاف لمصارف الحج زائداً على ما يحتاج إليه في إعاشة عياله. و هل اعتبار الراحلة في وجوبه مطلق حتى بالإضافة إلى المتمكن من المشي، أو يختص اعتبارها بصورة الحاجة و عدم التمكن من الحج مشياً؟ فالمنسوب إلى المشهور إطلاق اعتبارها في وجوبه، كما أن المنسوب إلى جماعة اختصاص اعتبارها بصورة الحاجة و الحرج من المشي، و منشأ ذلك اختلاف الروايات فان بعضها ظاهرة في اعتبارها مطلقاً كصحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) «في قول اللّٰه (عزّ و جلّ)