٢٠آثارهم تدرَس حتّى اليوم في معاهدنا العلميّة، كما وشهدت ساحات كربلاء قبل قرنين أو أكثر حركةً علميّةً صاخبةً لم تشهد لها مثيلاً من قبل؛ حيث استقرّت فيها الزعامة الروحيّة، وذلك بوجود عددٍ غفيرٍ من أساطين العلماء، حتّى بدأت كربلاء تنافس النجف الأشرف في حركتها العلميّة، كما وشهدت مبارياتٍ خطابيّةً وحلباتٍ أدبيّةً يعجز القلمُ عن وصفها، ويكلّ اللسانُ عن الثناء عليها.
تتضمّن موادّ هذا الكتاب أحوال كربلاء منذ أوّل تشييدها وتدوين تطورّاتها الاجتماعيّة والسياسيّة والعمرانيّة والعلميّة والأدبيّة، وتضمّ تراجم أقطاب العلم الذين قدّموا للإنسانيّة أعمالاً مجدية في الفكر والجهاد، إلى غير ذلك من المواضيع الهامّة المتعلّقة بشؤون هذا البلد المقدّس، التي شغفتُ منذ الحداثة بجمعها وتدوينها.
ومهما يكن من أمرٍ، فأنا أنتهز هذه الفرصة الثمينة لتقديم ما اختمر في الذهن، وما شعرتْ به النفس من المواضيع والبحوث التي كانت مبعثرةً هنا وهناك، فآثرتُ إخراجها بهذا الشكل؛ حرصاً للفائدة العامّة، ورغبةً في تحفيز هواة الأدب والتاريخ وتوسيع طاقاتهم. وقد توفّرتْ لديّ مصادر كافيةٌ غنيّةٌ يعتمد عليها ما ينبغي إيراده من الشواهد والدلائل، علماً بأنّ هناك عدداً من المخطوطات التي تتعلّق بمواضيع الكتاب، قد اطّلعتُ عليها في مكتبات إيران والعراق، زد على ذلك: أنّي استمعت إلى روايات المعمّرين من الجيل الماضي، وأحاديث ممّن يروى عنهم طيلة السنين الخوالي.
وأخيراً لا يسعني إلاّ أن أرفع أسمى آيات شكري وامتناني إلى كلّ مَنْ آزرني في هذا المشروع الضخم الذي يتطلّب وقتاً طويلاً وعملاً متواصلاً، من تقديم يد المساعدة إليّ، وأخصُّ بالذكر: فضيلة العلاّمة الكبير حجّة الإسلام الشيخ آقا بزرك الطهراني، صاحب (الذريعة) والأُستاذ كوركيس عوّاد مدير مكتبة المتحف العراقي، والأُستاذ ضياء الدين أبوالحبّ، وفضيلة العلاّمة الشيخ محمّد علي اليعقوبي، والشيخ كاظم أبو أذان، والمحامي السيّد عبد الصاحب الأشيقر، والأُستاذ عبد المجيد حسين السالم، والأُستاذ حسن عبد