51
1. قتل مالك بن نويرة وتبريره بالتأويل
اتّفق المؤرّخون على أنّ خالد بن الوليد قتل مالك بن نويرة ثم نزى على امرأته، فلمّا انتشر الخبر في المدينة وأنّ الرجل ارتكب جريمة شنيعة يستحقّ عليها القتل، أصرّ عمر على أبي بكر على إجراء الحدّ، ووصفه بقوله: عدو الله عدى على امرئ مسلم فقتله ثم نزى على امرأته، ولما ورد خالد المدينة كلّمه عمر بقوله: قتلت امرءاً مسلماً ثم نزوت على امرأته، والله لأرجمنّك بأحجارك; ومع ذلك فقد اعتذر أبو بكر عن إجراء الحدّ، وقال: يا عمر تأوّل فأخطأ، فارفع لسانك عن خالد فإنّي لا أشيم 1 سيفاً سلّه الله على الكافرين. 2
ولو صحّ تبرير هذه الجريمة بهذا النوع من التأويل لما استقرّ حجر على حجر، ولعمّت الفوضى المجتمع كلّه. فإنّ التأويل إنّما يقبل في مسائل ساد عليها الخفاء، وأمّا قتل الأنفس وهتك الأعراض وسلب الأموال، فهو في منأى عن التأويل.
2. قتل الهرمزان وإمساك الخليفة عن إجراء القصاص
لمّا قُتل عمر ولم يظفر عبيد الله بن عمر بقاتل أبيه، قتل الهرمزان وبنت أبي لؤلؤة الصغيرة، ولمّا أكثر الناس في دم الهرمزان وإمساك عثمان عن القصاص، صعد المنبر وقال: قد كان من قضاء الله أنّ عبيد الله بن عمر أصاب الهرمزان وكان الهرمزان من المسلمين ولا وارث له إلاّ المسلمون عامّة وأنا إمامكم وقد عفوت أفتعفون؟ قالوا: نعم. فقال عليّ(ع):
«أقِدِ الفاسق فإنّه أتى عظيماً، قتل مسلماً بلا ذنب». وقال لعبيد الله: «يا فاسق لئن ظفرت بك يوماً لأقتلنّك بالهرمزان». 3
وبهذا التأويل الباطل يبرّر عمل معاوية حيث رفض خلافة عليّ(ع) الذي بايعه المهاجرون والأنصار ولم يتخلّف عن بيعته إلاّ نفر يسير، ومع ذلك نرى أنّه جهّز جيشاً جراراً في وجه علي(ع) وقتل في معركة صفين حوالي 70 ألف مسلم من الطرفين، وفيهم