23واستنتج من عبارته هذه أنّ مشركي أهل زمانه يدعون غير الله في الشدّة والرخاء، فكانوا أكثر شركاً.
وهذه العبارات تدلّ على أنّ جماهير المسلمين - عنده - مشركون شركاً أشدّ من شرك أبي جهل وأبي لهب!!
وأراد من الشرك الذي اتّهم به عامّة المسلمين عبر قرون ما يقومون به من زيارة قبور الأنبياء والأولياء الصالحين والتوسّل بهم مضافاً إلى إعمار قبورهم وأضرحتهم، فهذا هو الذي أسماه ابن عبد الوهاب بالشرك الأكبر، وبذلك صار المسلمون بعد رحيل رسول الله(ص) إلى عصر محمد بن عبد الوهاب مشركين وأضلّ من مشركي عصر الجاهلية.
هذا ما يذكره ابن غنّام معاصره ومؤرّخ حياته وحروبه مع المسلمين.
ولمحمد بن عبد الوهاب كلمة أُخرى قال: اتّبع هؤلاء سنن من قبلهم وسلكوا سبيلهم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حذو القذّة بالقذّة، وغلب الشرك على أكثر النفوس لغلبة الجهل وخفاء العلم، وصار المعروف منكراً والمنكر معروفاً، والسنّة بدعة والبدعة سنّة، ونشأ في ذلك الصغير وهرم عليه الكبير وطمست الأعلام واشتدت غربة الإسلام، وقلّ العلماء وغلب السفهاء، وتفاقم الأمر واشتدّ البأس وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس. 1
والعجب أنّ الشيخ يزعم أنّه من أتباع أحمد بن تيمية!! وحاشا أن يكون ابن تيمية بهذا التشدّد فإنّه ذكر للتكفير شروطاً وموانع سيوافيك بيانها في محلّها. نعم عبّر عمّا يسمّيه محمد بن عبد الوهاب شركاً بالبدعة.
إنّ التسرّع والغلو في التكفير يمزّق المجتمع المسلم، ويغذّي الفرقة والشحناء بين المسلمين بل ربّما يؤدّي إلى إهدار المسلمين دماء بعضهم بعضاً، وهذا على جانب النقيض من قوله سبحانه: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّٰهِ جَمِيعاً وَ لاٰ تَفَرَّقُوا 2.