100ويدلّ على ذلك قوله سبحانه: يَمْحُوا اللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتٰابِ 1، ويقول سبحانه: وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرىٰ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنٰا عَلَيْهِمْ بَرَكٰاتٍ مِنَ السَّمٰاءِ وَ الْأَرْضِ وَ لٰكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنٰاهُمْ بِمٰا كٰانُوا يَكْسِبُونَ 2
روى القرطبي في تفسير قوله سبحانه: يَمْحُوا اللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ أنّ عمر بن الخطاب كان يطوف بالبيت وهو يبكي ويقول: اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبتني في أهل الشقاوة والذنب فأمتني وأثبتني في أهل السعادة والمغفرة، فإنّك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أُمّ الكتاب». 3
فعلى هذا فالبداء بهذا المعنى عقيدة إسلامية عامّة.
لكن يقع الكلام: لماذا عُبّر عنه بالبداء، فيقال: بدا لله، حيث إنّ معناه: ظهر لله ما خفي عليه.
ومن المعلوم أنّه سبحانه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، والجواب عن ذلك بوجهين:
الأوّل: أنّ هذا التعبير اقتباس من كلام النبي الخاتم(ص) حيث روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أنّه سمع رسول الله(ص) قال:
«إنّ ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى بدا لله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً فأتى الأبرص... إلى آخر ما ذكره». 4)
الثاني: انّ هذا التعبير من باب المشاكلة نظير قوله سبحانه: وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللّٰهُ وَ اللّٰهُ خَيْرُ الْمٰاكِرِينَ 5، وقوله سبحانه: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَ أَكِيدُ كَيْداً 6، وقوله سبحانه: نَسُوا اللّٰهَ فَنَسِيَهُمْ 7، وهذا من مظاهر البلاغة فإنّ الإنسان إذا ظهر ما خفي عليه يعبّر عنه بالبداء ويقول: بدا لي، كذلك فالله سبحانه يعبّر عمّا ظهر للناس بعد ما خفي عنهم بالبداء ويقال: