28وإنّ الحقّ الذي لا شكّ فيه ولا شبهة أنّ هذا الكلام عائم، لأنّ أهل هذه القرون الثلاثة المذكورة لم يكونوا على أمر واحد في الدين! فاختلافهم في الفقه لا يخفى على أحد، لدرجة أنّ بعض الباحثين ألّفوا موسوعات فقهية خاصة لبعض السلف.
واختلاف أهل تلك القرون في العقيدة أوضح، فمن المعلوم ظهور المدارس الكلامية كالخوارج والمرجئة والمعتزلة في تلك القرون، وكذا الشيعة الذين يسميهم البعض بالروافض من أهل تلك القرون.
فهل من الممكن أن نكون على ما كان عليه هؤلاء جميعاً؟!
إذن الحديث لا يصحّ لأن يكون دليلاً للسلفية. فإن خصّصوه بفئة معينة ممن كانوا في تلك القرون، فقد أثبتوا عدم دلالة الحديث على ما يذهبون إليه واحتاجوا إلى نصوص أخرى تبين وتوضح ما يريدون. وهذا الضعف فى الاحتجاج بالحديث وحده كافٍ لطرحه جانباً!
الحديث الثاني: ما أنا عليه وأصحابى
ورد حديث الافتراق فى العديد من مصادر الحديث دون تحديد الناجية، وفي بعض الروايات حددها بالجماعة أو السواد الأعظم، ومرة حددها «
بما أنا عليه وأصحابي »، وأكثر استدلالات السلفية بالنص الأخير، وعليه يكون بحثنا هذا بغضِّ النظر عن صحة حديث الافتراق من عدمه.
روى الترمذي: حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا أبو داود الحفرى عن سفيان عن عبدالرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي عن عبدالله بن يزيد عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله(صليالله عليه وسلم): «
ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك. وإنّ بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة» ، قال من