26ولابن عبد البرّ كلام لطيف في هذا المورد، حيث قال: والذي يصح عندى - والله أعلم - في قوله
«خير الناس قرني» أنّه خرج على العموم ومعناه الخصوص بالدلائل الواضحة في أنّ قرنه - والله أعلم - فيه الكفار والفجار كما أنّ فيه الأخيار والأشرار، وكان فيه المنافقون والفسّاق والزناة والسرّاق، كما كان فيه الصديقون والشهداء والفضلاء والعلماء؛ فالمعنى على هذا كله عندنا أنّ قوله - عليه السلام - «
خير الناس قرني» أي خير الناس في قرنى. 1
ولعل ما يؤيد فهم ابن عبد البرّ هو قول رسولالله(صليالله عليه وآله وسلم): «
خير الناس القرن الذي أنا فيه ثم الثاني ثم الثالث » وفي رواية: «
خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ». 2
وهذا المعنى صحيح، ففى مقدمة خير الناس في تلك القرون هو المصطفى(صليالله عليه وآله وسلم) ثم علىٌّ الذي هو بمنزلة نفس النبي بنصّ القرآن، ثم فاطمة سيدة نساء العالمين، ثم بقية أئمة أهل البيت(عليهمالسلام) عدول القرآن وهداة الانسان، وكفاهم فخراً أنّهم لا يفترقون عن القرآن كما نصّ عليه الحديث الصحيح؛ هؤلاء في المرتبة الأولى ثم يأتى بعدهم من ذوى الفضل.
فكانت تلك القرون بحقٍّ هي خير القرون، بمعنى أنّ خير الناس كانوا فيها، ولا أستبعد القول إنّ أسوأ الناس كانوا فيها!
إنّ فهم ابن عبد البرّ للحديث قريب من فهم أبى الصلاح الحلبي، حيث قال: «أمّا ما رووه أولاً، فإنّ قوله(عليهالسلام): «
خير القرون القرن الذي أنا فيه ثم الذين يلونهم» ، فدلالة على كثرة الأخيار في المذكورين دون جميعهم، كقول القائل: بنو فلان خير من بنى فلان