15[البقرة: 124] أنّهما مقامان إلهيان، إذ إنّ إبراهيم عليه السلام لم يبلغ مقام الإمامة إلّا في أواخر حياته، وهذا يعني أنّ الإمامة متأخّرة عن النبوّة والرسالة وغيرهما من المقامات السامية التي بلغها خليل الرحمن عليه السلام ، وأنّها مقام يختلف عن النبوّة والرسالة، ويدلّ على ذلك شواهد جمّة، منها طلب الإمامة للذرّية، فمن الواضح أنّ حصول إبراهيم عليه السلام على الذرّية كان في كبره وشيخوخته، كما حكى عنه قول الله تعالى في القرآن الكريم: (الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمٰاعِيلَ وَ إِسْحٰاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعٰاءِ) 1، وحكى عن زوجة إبراهيم عليه السلام : (قٰالَتْ يٰا وَيْلَتىٰ أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هٰذٰا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هٰذٰا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) 2، وتفيد أحاديث بشارته بالولد في القرآن الكريم أنّه كان نبيّاً مرسلاً تتنزّل عليه الملائكة آنذاك.
ونجد إبراهيم الخليل عليه السلام في آية الإمامة يطلبها لذريته، مع أنّه لا يصحّ مثل هذا الطلب إلّا لمن كان لديه ذريّة، أمّا من كان آيساً من الولد، ويجيب مبشّريه به بالقول: (أَ بَشَّرْتُمُونِي عَلىٰ أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) 3، فمثل هذا الطلب يعتبر منه أمراً غير صحيح؛ إذ لا يُعقل صدوره منه مع ما يحظى به من مقام النبوّة والرسالة، فهذا يدلّنا بوضوح على أنّ مقام الإمامة إنّما