35عالماً بظواهر الأشياء وبواطنها من غير أن يشغله شيء عن شيء، أو يحتجب عنه شيء بشيء، فهو تعالى يدرك البصر والمبصر معاً، والبصر لا يدرك إلا المبصر.
وقد نسب إدراكه إلى نفس الابصار دون أولي الأبصار، لأنّ الادراك الموجود فيه تعالى ليس من قبيل إدراكاتنا الحسية حتى يتعلق بظواهر الأشياء من أعراضها، كالبصر مثلاً الذي يتعلق بالأضواء والألوان ويدرك به القرب والبعد والعظم والصغر والحركة والسكون بنحو، بل الأغراض وموضوعاتها بظواهرها وبواطنها حاضرة عنده مكشوفة له غير محجوبة عنه ولا غائبة، فهو تعالى يجد الابصار بحقائقها وما عندها، وليست تناله 1.
وقد اثيرت اشكالية حول الاستدلال بالآية الكريمة لنفي الرؤية البصرية عن البارئ تعالى تتمحور على أساس ما قيل من الفرق بين الإدراك والبصر 2. فاستند إليه بعض من قال بجواز الرؤية وإمكانها، مستدلاًّ على أنّ ما تنفيه الآية هو الإدراك، والإدراك شيء والبصر أو الرؤية شيء آخر 3.
لكن هذا الاشكال لا يقوم على أساس علمي فقد تقدم أنّ الرؤية بالعين الباصرة هي نوع من الادراك، كما أنّ لها أنواعاً