21الصفات السلبية إنّما نسلب عنه سبحانه الأعدام والنقائص، وننزّه ذاته عن كلّ نقصٍ وعيبٍ.
ومن الواضح أنّ مرجع سلب العدم يعود إلى الإثبات والوجود، فحين نقول سلبت الجهل عن زيد معنى ذلك ولازمه إثبات العلم له، لأنّ الجهل هو عدم العلم، وسلب عدم العلم عن زيد يعني إثبات العلم له.
وعلى غرار ذلك فعندما تسلب عن الله تعالى الصفات السلبية ويقال مثلاً إنّ الله ليس بجسم وإنّه لا مكان له ولا زمان وإنّه ليس لله حدّ، ولا يحلّ في شيء ولا يحلّ فيه شيء، وإنّه تعالى لا يُرى ولا نِدَّ له ولا مثيل ونحو ذلك، فإنّ مرجع كلّ هذه إلى سلب نقص وسلب عدم وعيب، ومن ثمّ فهي ترجع إلى إثبات الوجود.
وهذا المعنى يؤكّده الباحثون في الفكر التوحيدي على صعيد ما يقدّمونه من دراسات عقلية وفلسفية مختصّة، فقد قال صدر الدين الشيرازي:
الصفة إمّا إيجابية ثبوتية وإمّا سلبية تقديسيّة، وعبّر الكتاب عن هاتين بقوله: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ)، فصفة الجلال ما جلّت ذاته عن مشابهة الغير، وصفة الإكرام ما تكرّمت ذاته بها وتجمّلت، والأولى سلوب عن النقائص والأعدام، وجميعها يرجع إلى سلب واحد هو سلب الإمكان عنه تعالى 1.