33الشيعة في العصرين : الأُمويّ والعباسيّ
الشيعة في العصرين : الأُمويّ والعباسيّ
لا نأتي بجديد إذا ذهبنا إلى القول بأنّ الهجمة الشرسة التي كانت تستهدف استئصال الشيعة والقضاء عليهم قد أخذت أبعاداً خطيرة ودامية أبان الحكمين الأُموي و العباسي ، فما أن لبّى الإمام دعوة ربّه في ليلة الحادي و العشرين من رمضان على يد أشقي الأوّلين و الآخرين ، شقيق عاقر ناقة ثمود ، وهو يصلّي في محراب عبادته ، حتّى شرع أعداء الإمام وخصوم التشيّع إلى التعرّض الصريح بالقتل و التشريد لأنصار هذا المذهب و المنتسبين إليه ، وإذا كان استشهاد الإمام علي يؤلّف في حدّ ذاته ضربة قاصمة في هيكلية البناء الإسلامي ، إلّا أنّ هذا لم يمنع البعض ممّن وقفوا موقفاً باطلاً ومنحرفاً من الإمام عليّ في حياته من التعبير عن سرورهم من هذا الأمر الجلل ، كما نقل ذلك ابن الأثير عن عائشة زوجة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله حيث قالت عندما وصلها النبأ : فألقت عصاها واستقرّ بها النوى كما قرّ عيناً بالإياب المسافرُ
ثمّ قالت : من قتله ، فقيل : رجل من مراد ، فقالت : فإن يك نائياً فلقد نعاهُ نعيُّ ليس في فيه الترابُ
فقالت زينب بنت أبي سلمة : أتقولين هذا لعليّ؟ فقالت : إنّي أنسى ، فإذا نسيت فذكّروني . . .!! 1 .
الشيعة فى العصر الأُموى
أمّا معاوية فلا مناص من القول بأنّه أكثر المستبشرين بهذا الأمر ، حيث إنّه قال لمّا بلغه : إنّ الأسد الذي كان يفترش ذراعيه في الحرب قد قضى نحبه .
ثمّ أنشد : قل للأرانب ترعى أينما سرّحت وللظباء بلا خوف و لا وجلِ 2
في الجانب الآخر نرى أنّ الإمام الحسن الابن الأكبر للإمام عليّ ووارثه ينعى أباه بقوله في مسجد الكوفة : «ألا إنّه قد مضي في هذه الليلة ، رجل لم يدركه الأوّلون ، ولن يري مثله الآخرون . من كان يقاتل وجبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله . و اللّٰه لقد توفّي في هذه الليلة التي قبض فيها موسى بن عمران ، ورفع فيها عيسى بن مريم ، وأُنزل القرآن . ألا وإنّه ما خلّف صفراء ولا بيضاء إلّا سبعمائة درهم فضلت من عطائه ، أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله» 3 .
ثمّ بويع الحسن في نهاية خطبته ، وكان أوّل من بايعه قيس بن سعد الأنصاري ، ثم تتابع الناس على بيعته ، وكان أمير المؤمنين قد بايعه أربعون ألفاً من عسكره على الموت . فبينما هو يتجهّز للمسير قُتل عليه السلام . فبايع هؤلاء ولده الحسن ، فلمّا بلغهم مسير معاوية في أهل الشام إليه ، تجهّز هو و الجيش الذين كانوا قد بايعوا