57
ابن بطّة إلغاء العقل والتعبّد بالنقل
سيراً مع سنّة الوهّابيّين الدائمة في البحث والتنقيب عن التراث الحنبلي، الذي يخدم أفكارهم المتطرّفة، قام واحد من الوهّابيّين بإبراز مخطوطة مغمورة ومهملة بعنوان: (الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة) لابن بطّة العكبري الحنبلي، المتوفّي عام 387ه.
قال المحقّق الوهّابي في مقدّمته: بعد مُضي عصر الصحابة وجد في أيام التابعين بعض رؤوس أهل الضلالة الذين عنوا ببثّ الأهواء والبِدَع، وكان لهؤلاء فتن كثيرة على الناس، وزاد خطر هؤلاء الزائفين في القرن الثالث عندما تمكّن المعتزلة من إقناع الخليفة المأمون بآرائهم في العقيدة، وطلبوا منه أن يحمل الناس جميعاً على آرائهم بقوّة السلطان؛ فكانت فتنة كبيرة انتشر شررها على المسلمين، وعمّت لوثتها الفكر الإسلامي العظيم.
وكان بعض هؤلاء قد دخلوا في الإسلام لتحقيق غايات سيّئة ومآرب دنيئة، فكان دخولهم يخدم مخطّطاً يهدف إلى زعزعة عقائد الإسلام في نفوس أتباعه، وإثارة الفُرقة والبغضاء فيما بينهم حتّى وقع بعض المسلمين تحت تأثير هؤلاء، واقتنعوا بكثير من آرائهم نتيجة التلبيس والخداع فبزغ نجم الزندقة، وأطلّت الفرقة برؤوسها.