44صديقاً، وإنّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنّ الفجور يهدي إلى النار، وإنّ الرجل ليكذب حتّى يكتب عند الله كذاباً.
* سمعت رسول الله(ص) يقول بحقّ الصحابي الجليل «أبوذر الغفاري»:
«يرحم الله أباذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده، ويشهده عصابة من المؤمنين» وكان ذلك في مسيره إلى تبوك، حيث وقف بأبي ذر جملُهُ فتخلّف عليه، فلمّا أبطأ أخذ رحله عنه، وحمله على ظهره، وتبع النبي(ص) ماشياً، فنظر الناس وقالوا: يا رسول الله! هذا رجل على الطريق وحده.
فقال(ص): كن أباذر،
فلمّا تأمله الناس، قالوا: هو أبوذر.
فقال رسول الله(ص): يرحم الله أباذر، يمشي وحده....
وبقيت طيلة سنين أفكّر بهذا القول حتّى نفى عثمان أبا ذر إلى الربذة وهو مكان يكرهه كثيراً، فأصابه بها أجلُه، ولم يكن معه إلاّ امرأته وغلامه، فأوصاهما أن يغسلاه، ويكفناه ثمّ يضعاه على الطريق، فأوّل ركب يمرّ بهما يستعينان به على دفنه، ففعلا ذلك؛ فإذا بي في رهط من أهل العراق، فأعلمتنا إمرأته بموته، حزنّا حزناً شديداً، ورحنا نبكي عليه بدموع غزيرة، وقلتُ صدق حبيبي رسول الله(ص): لقد سمعته يقول:
«يرحم الله أباذر...، ويموت وحده، ويبعث وحده، ويشهده عصابة من المؤمنين» ثمّ واريناه الثرى في سنة 32 ه.
فلك الله يا أباذر، ما أنصفوك في شيء.
* ومن أدعيته(ص) التي رويتها هذا الدعاء:
ما من عبد أصابه همٌّ، فقال:
«أللّهمّ إنّي عبدُك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألكّ بكلّ اسم سميتَ به نفسك، أو ذكرته في كتابك، أو علَّمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ضياء صدري، وربيع قلبي، وجلاءَ حزني، وذهاب همّي» إلاّ أذهب اللهُ همّه، وبدّله مكان حزنه فرحاً.