7
المقدّمة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبيّنا أبي القاسم محمّد (ص) وعلى آله الطاهرين المعصومين.
إنّ الخلاف والاختلاف والتباين سمات رافقت المجتمعات البشريّة منذ وجودها على وجه الأرض، ولم تأتِ بعثة الأنبياء والرسل عليهم السلام وإنزال الكتب والرسالات إلّا للحدّ من هذه الخلافات بين الأُمم وبيان ما اختلفوا فيه، إلّا أنّه رغم ذلك فقد اختلف أصحاب الديانات والكتب السماويّة أنفسهم من بعد ما جاءهم العلم. 1
ولم تكن الأُمّة الإسلاميّة خارجةً عن هذه السُنّة التاريخيّة؛ فكان الخلاف ينشب بين أبنائها بين الفينة والأُخرى.
وقد اقترنت تلك الخلافات في حُقبٍ من التاريخ الإسلامي بتبنّي البعض أفكاراً متطرّفةً وشاذّةً لا تعود على المسلمين بشيء سوى تعميق الخلاف أكثر فأكثر، وتأجيج النزاعات المذهبيّة والطائفيّة وتشديدها بينهم.
وكان من بين روّاد هذا المضمار الشيخ المعروف بابن تَيمية الحَرّانيِّ، إذ كان له قصب السبق في ذلك بما جاء به من آراءٍ خرق فيها إجماعَ علماء المسلمين، وفتاوى اتّهم فيها الغالبيّة العظمى من أهل القبلة بالشرك 2.