8 والفعل حيث تبقى شفاعتها للإنسان في الآخرة قبل هذه الدنيا الفانية.
فإن الحسين عليه السلام لم يأتِ للكوفيين بدافع مراسلتهم والإستجابة لدعوتهم بل أن المسؤولية العظمى والواجب الإلهي كان يتحتم على الإمام الوقوف لأجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدفاع عن ثروات المسلمين المنهوبة والحقوق المضيعة التي كانت تصرف في إقامة حفلاتهم الماجنة والفاجرة في الوقت الذي يقبع الناس في الفقر المدقع، وقد أشار الحسين عليه السلام إلى هذا الأمر حيث قال
«إن هذه الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها، فلم يبقَ منها إلا صبابة كصبابة الإناء وخسيس العيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون الحق لا يعمل به وأن الباطل لا ينهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً فإني لا أرى الموت إلا سعادة ولا الحياة مع الظالمين إلا برما، انَّ الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء، قلَ الديانون». 1مما يتبين بأن الدافع الأساسي لنهضته المباركة هو الاصلاح والقضاء على الفساد الذي سببه انحراف هؤلاء عن جادة الحق، وإحياء البدع، وضياع السنة النبوية، وانتشار الفساد والانحراف الديني، وذلك بهدف هدم عقائد المسلمين وإبعادهم عن أهل البيت والرسالة ومن ثَم إحياء السنن الجاهلية الأولى.
فكان لنهضته عليه السلام الدور الكبير في تحرر المسلمين من ذل العبودية واستعادة العزة والحرية على نطاق واسع ضد الظلم والاضطهاد، والتي ساهمتْ في القضاء على الإعلام الزائف للسلطة الحاكمة التي زرعتْ الحقد والبغض في نفوس الجماهير اتجاه أهل البيت والرسالة دون أن يمحى ذكرهم وحبهم في وجدان الأحرار والأتباع منهم على الرغم من مرور عقود طويلة من الزمن حاولت السلطة اجتثاث وتشويه ذكرهم سلام الله عليهم أجمعين.
فهذه النهضة المباركة كانت حركة نحو تغيير شامل لأوضاع سياسية واجتماعية تحيطها رعاية إلهية مقدسة تستلهم تعاليمها من السماء والتي تحمل رسالة خالدة إلى كل الأجيال