10
[الفرق بين الدعاء ، والعبادة]
هو أنّه لا ريب في أنّ مطلق الدعاء للغير ليس عبادة له ولا مطلق الاستغاثة والاستعانة به عبوديّة له ؛ ضرورة افتقار العباد في حاجاتهم ونيل أمورهم في عاديّاتهم ، بل وفي عباديّاتهم ، كما أمر اللّٰه تعالىٰ بالتعاون على البرّ والتقوى .
وكذا لاشبهة في أنّ مطلق الخضوع والانقياد وخفض الجناح لغيره تعالى ، ليس بعبادة له ، ومنافية لتوحيد اللّٰه والإخلاص له تعالىٰ .
فلو كان مطلق التعاون والاستعانات والاستغاثات والتوسّلات شِركاً ، لكان الوّهابيّون بذلك أوّل المشركين . ولو كان مطلق الخضوع والانقياد والخفض للغير شركاً في عبادة اللّٰه ، لما أمر اللّٰه تعالى به، ولكان الأمر بالسجدة في قوله تعالى لملآئكته: اُسْجُدُوا لِآدَمَ أمراً بالشرك؟!
وكان لإبليس أن يعترض عليه سبحانه في ذلك ، فيقول :
ياربِّ لِمَ تأمُرني بالسجودِ لِغيِرِك، وهوالشرك المنافي لتوحيدك والإخلاص لك!
ولكان الاستدلال بذلك أولى من استدلاله بالقياس الفاسد .
ولكان إبليس بامتناعه هذا من السجدة أوّل الموحّدين ، كمازعمه جمع من الصوفيّة ، وقاله بعضهم في «فصوص حكمه» ، وتبعه أتباعه في شروحهم عليه ، فالمدار على الحقائق دون الصور !
فلو كان مطلق الخضوع شركاً وعبادة للغير ، لكان خضوع العبيد للموالي والرعايا للرؤساء والملوك ، والزوجات للأزواج والتلميذ للمعلّم ، كلّها خضوعاً لغير اللّٰه وشركاً به وعبادة لغيره !
ولم يقل به أحد ، ومعه لا يقوم حجر على حجر .
ولو كان ذلك شِرْكاً في عبادته ، لكان تقبيل الحجر الأسود واستلامه عبادته !
ولكان مسّ الأركان والتبرّك بها عبادتها !