43وليس معنىٰ الأصابع معنىٰ الجارحة لعدم ثبوته ، بل يُطلق الاسم في ذلك علىٰ ما جاء به الكتاب من غير تكييف ولا تشبيه !
وقال غيره: من حمل الأصابع علىٰ الجارحة فقد ردّ علىٰ اللّٰه - سبحانه وتعالىٰ - في قوله : سُبْحٰانَهُ وأدخل نفسه في أهل الشرك ؛ لقوله تعالىٰ : سُبْحٰانَهُ وَ تَعٰالىٰ عَمّٰا يُشْرِكُونَ .
وهو - عزّ وجلّ - يذكر في كتابه المبين التحرّس عمّا لا يليق ؛ دفعاً وردّاً لأعدائه ، كقوله تعالىٰ : وَ قٰالُوا اتَّخَذَ اللّٰهُ وَلَداً، سُبْحٰانَهُ وقال تعالىٰ : وَ خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَ بَنٰاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، سُبْحٰانَهُ ونحو ذلك ، وآكد من ذلك قوله : وَ أَنَّهُ تَعٰالىٰ جَدُّ رَبِّنٰا مَا اتَّخَذَ صٰاحِبَةً وَ لاٰ وَلَداً قدّم تنزيهه - عزّ وجلّ - أوّلاً في هذه الآية .
والقرآن طافح بذلك .
ومنها : ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أنّه صلى الله عليه و آله و سلم قال : (لمّا قضىٰ اللّٰه الخلق كتب في كتاب ، فهو عنده فوق العرش : أنّ رحمتي غلبت غضبي) وفي لفظ : «سبقت» .
قال القاضي المشبِّه - تلميذ ابن حامد - : ظاهر قوله: «عنده» التقربمن الذات.
وما قاله يستدعي القرب والمساحة ، و ذلك من صفات الأجسام ، وقد عمي عن قوله تعالىٰ : مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ .
ومن المعلوم أنّك تقول : عندي فوق الغرفة كتاب كذا ، وهو في موضع شاسع نازل عن الغرفة بمسافة بعيدة .
ثمّ إنّ هذا القاضي روىٰ عن الشعبي أنّه قال : إنّ اللّٰه قد ملأ العرش حتّىٰ إنّ له أطيطاً كأطيط الرَّحْل ، وهو كذب علىٰ الشعبي 1 .