106عن الله مذكٍّراً بقوله: ( يٰا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ...) 1، وأمره أن يقيم عليّاً عَلَماً للناس، ويبلغهم ما نزل فيه من الولاية وفرض الطاعة على كلّ أحد، وكان أوائل القوم قريباً من الجحفة، فأمر رسول الله أن يردّ من تقدّم منهم، ويحبس من تأخّر عنهم في ذلك المكان، ونهى عن سَمُرات 2 خمس متقاربات دَوْحات عظام أن لا ينزل تحتهنّ أحد، حتى إذا أخذ القوم منازلهم، فقمّ ما تحتهنّ، حتى إذا نودي بالصلاة - صلاة الظهر - عمد إليهنّ، فصلى بالناس تحتهنّ، وكان يوماً هاجراً يضع الرجل بعض ردائه على رأسه، وبعضه تحت قدميه، من شدّة الرمضاء. وظُلّل لرسولالله(ص) بثوب على شجرة سمرة من الشمس، فلما انصرف(ص) من صلاته، قام خطيباً وسط القوم على أقتاب الإبل 3، وأسمع الجميع، رافعاً عقيرته، فقال(ص):
أما بعد: أيّها الناس قد نبّأني اللطيف الخبير: أنه لم يُعمّر نبيّ إلا مثل نصف عمر الذي قبله. وإنّي أُوشك أن أُدعى فأُجيب، وإني مسؤول، وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟
قالوا: نشهد أنّك قد بلّغت ونصحت وجاهدت، فجزاك الله خيراً.
قال: >ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً عبده ورسوله، وأن جنّته حق وناره حقّ، وأنّ الموت حقّ، وأنّ الساعة آتية لا ريب