64كعب 1، وجمعوا الحجارة ، وكان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم ينقل معهم حتى إذا انتهى الهدم إلى الأساس ، فأفضوا إلى حجارة خضر كالأسنمة ، فضربوا عليها بالمعول ، فخرج برق كاد أن يخطف البصر ، فانتهوا عند ذلك الأساس .
ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الركن ، فاختصم فيه القبائل ، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه ، وكادوا أن يقتتلوا على ذلك ، فقال لهم أبو أمية بن المغيرة ابن عبد اللّٰه بن عمرو بن مخزوم ، وكان شريفاً مطاعاً : اجعلوا الحكم بينكم فيما اختلفتم [فيه] أوّل من يدخل من باب الصفا ؛ فقبلوا ذلك منه ، وكان أول داخل [من ذلك] رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم ، فلما رأوه قالوا : هذا محمد الأمين ، وكان يسمّى قبل أن يوحى إليه أميناً ؛ لأمانته وصدقه ، [فقالوا جميعاً : رضينا بحكمه ، ثم قصوا عليه قصتهم] فقال صلى الله عليه و آله و سلم : هلمّ إليّ ثوباً ، فاُتي به ، فأخذ الركن فوضعه بيده فيه ثم قال :
ليأخذ كبير كل قبيلة بطرف من هذا الثوب ، فحملوه جميعاً ، وأتوا به ، ورفعوه إلى ما يحاذي موضعه ؛ فتناوله رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم من الثوب ، ووضعه بيده الشريفة في محله .
وفي ذلك يقول هبيرة بن وهب المخزومي شعراً : تشاجرت الأحياء في فضل حطّه جرت طيرهم بالنحس من بعد أسعد