38ولكون الذكر من أجمع الصفات في الدلالة على شؤون القرآن عبّر عنه بالذكر في الآيات الّتي أخبر فيها عن حفظه القرآن عن البطلان والتغيير والتحريف كقوله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيٰاتِنٰا لاٰ يَخْفَوْنَ عَلَيْنٰا أَ فَمَنْ يُلْقىٰ فِي النّٰارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيٰامَةِ اعْمَلُوا مٰا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمٰا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمّٰا جٰاءَهُمْ وَ إِنَّهُ لَكِتٰابٌ عَزِيزٌ * لاٰ يَأْتِيهِ الْبٰاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لاٰ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» 1 فذكر تعالى أنّ القرآن من حيث هو ذكر لا يغلبه باطل ولا يدخل فيه حالاً ولا في مستقبل الزمان لا بإبطال ولا بنسخ ولا بتغيير أو تحريف يوجب زوال ذكريّته عنه .
وكقوله تعالى : «إِنّٰا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنّٰا لَهُ لَحٰافِظُونَ» 2 فقد أطلق الذكر وأطلق الحفظ ، فالقرآن محفوظ بحفظ اللّٰه عن كلّ زيادة ونقيصة وتغيير في اللفظ أو في الترتيب يزيله عن الذكريّة ويبطل كونه ذكراً للّٰهسبحانه بوجه .
ومن سخيف القول إرجاع ضمير «Bلَهُ » إلى النّبيّ صلى الله عليه و آله فإنّه مدفوع بالسياق ، وإنّما كان المشركون يستهزؤن بالنبيّ لأجل القرآن الّذي كان يدّعي نزوله عليه ، كما يشير إليه بقوله سابقاً : «وَ قٰالُوا يٰا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ» ، وقد مرّ تفسير الآية .
فقد تبيّن ممّا فصّلناه أنّ القرآن الّذي أنزله اللّٰه على نبيّه صلى الله عليه و آله ووصفه