16فهذان الأصلان اللّذان أشرنا إليهما على وجه الإيجاز ، ممّا اتّفقت عليها الأُمة الإسلامية جمعاء على اختلاف مذاهبهم في الأُصول والفروع ، ولا تجد حكيماً أو متكلماً أو فقيهاً ينبس ببنت شفة على خلاف ذلك ، فكيف لا وشعار المسلمين في جميع العصور على أن لا معبود إلّاإيّاه ، ولا حاكم ومشرّع إلّاهو .
فالمسلم يتلو كل يوم قوله : «إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ» (الحمد5/).
كما يتلو قوله سبحانه : «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّٰهِ وَ رَسُولِهِ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ إِنَّ اللّٰهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ » (الحجرات1/) .
وقوله سبحانه : «وَ مٰا كٰانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لاٰ مُؤْمِنَةٍ إِذٰا قَضَى اللّٰهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ وَ مَنْ يَعْصِ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاٰلاً مُبِيناً» (الأحزاب36/) .
وقوله سبحانه : «أَنَّ هٰذٰا صِرٰاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لاٰ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصّٰاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ » (الأنعام153/) .
فالمُبْتدع هو المشرّع المعرِضُ عن سبيل اللّٰه ، التابعُ لغير سبيله ، المفرِّق جماعة المسلمين عن سبيله سبحانه ، لا بل هو المفتري الكذّاب الذي يفتري على اللّٰه سبحانه ويقترف أفضح المعاصي فمصيره إلى النار .
* * *
إذا وقف على موقف الأصلين فالهدف هو تبيين مفهوم التوسّل وبيان أقسامه وأحكامه في ضوء الكتاب والسنّة ولا تتخطاهما قيد شعرة ، فما سوّغه الكتاب والسنّة النبوية ، جعلناه في قائمة التوسّل المشروع ، وما خالفهما ، تركناه في قائمة الممنوع والمرفوض ،