14الحظيرة ، أعني : حظيرة التشريع ، وأنّه ممّا يختص به سبحانه ، فمن نازعه في التشريع وأدخل في شريعته ما ليس منه ، فهو مبطل مبتدع ، وفي الذكر الحكيم آيات كثيرة تُحْصِر التشريع في اللّٰه سبحانه وتسلب ذلك الحق عن غيره ، نشير إلى بعضها : قال سبحانه : «إِنِ الْحُكْمُ إِلاّٰ لِلّٰهِ أَمَرَ أَلاّٰ تَعْبُدُوا إِلاّٰ إِيّٰاهُ ذٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النّٰاسِ لاٰ يَعْلَمُونَ » (يوسف40/) والمراد من الحكم ، هو التشريع والتقنين ، بقرينة قوله : «أَمَرَ أَلاّٰ تَعْبُدُوا إِلاّٰ إِيّٰاهُ » .
ويقول سبحانه : «وَ كَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَ عِنْدَهُمُ التَّوْرٰاةُ فِيهٰا حُكْمُ اللّٰهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذٰلِكَ وَ مٰا أُولٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ » (المائدة43/) .
ترى أنّه سبحانه يذمُّ اليهودَ في إعراضهم عن التوراة وفيها حكم اللّٰه وتحكيم النبي الأكرم ، وما هذا إلّالأنّ التشريع خاص باللّٰه تعالى وليس لأحد في التشريع أيّ حقّ .
يقول سبحانه في ذمّ اليهود وأحبارهم حيث كانوا يعدلون عن حكم اللّٰه إلى حكم آخر طمعاً في الدنيا إذ ينددهم بقوله : «وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْكٰافِرُونَ » (المائدة44/) .
وقال : «وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الظّٰالِمُونَ» (المائدة45/) .
وقال : «وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْفٰاسِقُونَ» (المائدة47/) .
فهذه الآيات ونظائرها ، دليل على أنّه ليس لأحد الحكم إلّاوفق ما شرّع اللّٰه ، ومن خرج في حكمه عن إطار التشريع الإلهي فهو كافر وظالم وفاسق .