23وربما يتوسّع في إطلاق العبادة فتطلق على مطلق الإصغاء لكلام الغير ، وفي الحديث : «من أصغى إلى ناطق فقد عبده ، فإن كان الناطق يؤدّي عن اللّٰه عزّ وجلّ فقد عبد اللّٰه ، وإن كان الناطق يؤدّي عن الشيطان فقد عبد الشيطان» 1 .
توجيه غير سديد
إنّ بعض من يفسّر العبادة بالخضوع والتذلّل عندما يقف أمام هذه الدلائل الوافرة ، يحاول أن يجيب ويقول : إنّ سجود الملائكة لآدم أو سجود يعقوب وأبنائه ليوسف ، لم يكن عبادة له ولا ليوسف ؛ لأنّ ذلك كان بأمر اللّٰه سبحانه ولو لا أمره لانقلب عملهم عبادة لهما .
وهذا التوجيه بمعزِل عن التحقيق ؛ لأنّ معنى ذلك أنّ أمر اللّٰه يُغيّر الموضوع ، ويبدل واقعه إلى غير ما كان عليه ، مع أنّ الحكم لا يغيِّر الموضوع .
فلو نفترض أنّه سبحانه أمر بسبِّ المشرك والمنافق فأمره سبحانه لايخرج السبَّ عن كونه سباً ، فلو كان مطلقُ الخضوع المتجلّي في صورة السجود لآدم أو ليوسف عبادة ، لكان معنى ذلك أنّه سبحانه أمر بعبادة غيره ، مع أنّها فحشاء بتصريح الذكر الحكيم لا يأمر بها سبحانه ، قال تعالى : «إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يَأْمُرُ بِالْفَحْشٰاءِ أَ تَقُولُونَ عَلَى اللّٰهِ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ » 2.
وهناك تعاريف للعبادة لجملة من المحقّقين نأتي بها واحداً بعد الآخر :
1 - نظرية صاحب المنار في تفسير العبادة
إنّ صاحب المنار لمّا وقف على بعض ما ذكرناه حاولَ أن يُفسّر العبادة بشكل يبعده عن بعض ما ذكرنا ، لذلك أخذ في التعريف قيوداً ثلاثة :