10
2-الاذعان في العقيدة و التعبّد في الأحكام:
و هناك أمرٌ ثانٍ نلفت إليه نظر القارئ،و هو الفرق الواضح بين العقيدة و الأحكام الشرعية العملية،فإنّ المطلوب في الأُولى هو الاعتقاد الجازم،و من المعلوم أنّ الإذعان بشيء متوقّف على ثبوت مقدّمات بديهية أو نظرية منتهية إليها حتى يستتبعها اليقين و الاذعان،و هذا بخلاف الأحكام الشرعية،فإنّ المطلوب فيها هو العمل و تطبيقها في مجالات الحياة،و لا تتوقّف على القطع بصدورها عن الشارع،و هذا الفرق بين العقائد و الأحكام يجرّنا إلى التأكّد من صحة الدليل و إتقانه أو ضعفه و بطلانه في مجال العقائد أكثر من الأحكام،و لذلك نرى أئمة الفقه يعملون بأخبار الآحاد في مجال الأحكام و الفروع العملية و لا يشترطون إفادتها القطعَ أو اليقينَ،و هذا بخلاف العقائد التي يُفترض فيها اطمئنان القلب و رسوخ الفكرة في القلب و النفس،فيرفضون خبر الآحاد في ذلك المجال و يشترطون تواتر النص أو استفاضته إلى حدٍّ يورث العلم.
3-خضوعها للبرهان العقلي:
و هناك أمر ثالث وراء هذين الأمرين،و هو أنه لا يمكن لأيّ باحث إسلامي أن يرفض العقل و يكتفي بالنص إذا أراد أن يعتمد الأُسلوب العلمي في مجال العقيدة؛لأنّ الأخذ بالنص متوقف على ثبوت أُصول موضوعية مسبقة تتبنّىٰ نبوّة الرسول الأكرم و حجيّة قوله،فما لم يثبت للعالم صانع حكيم،قد بعث الأنبياء و الرسل بالمعجزات