43و السلطة و القوّة،فالسكوت عليها إلى عصر إثارة هذه الشكوك،عصر ابن تيمية،أدلّ دليل على كونها سيرة مشروعة.
و عند ما قام ابن تيمية بوجه هذه السيرة أثار ثائرة المسلمين ضدّه شرقاً و غرباً،و قد بيّنوا ضلالة تلك الفكرة و نحرافها عن الشرع.
و قد وقف السلف الصالح-بعد فتح الشام-على قبور الأنبياء ذوات البناء الشامخ،فتركوها على حالها من دون أن يخطر ببال أحدهم-و على رأسهم عمر بن الخطاب-بأنّ البناء على القبور أمر محرّم يجب هدمه.
و هكذا الحال في سائر القبور المشيّدة عليها الأبنية في أطراف العالم،و إن كنت في ريب فاقرأ تواريخهم.
و لو قام باحث بوصف الأبنية الشاهقة التي كانت مشيّدة على قبور الأنبياء و الصالحين قبل ظهور الإسلام،و ما بناه المسلمون في عصر الصحابة و التابعين لهم باحسان إلى يومنا هذا في مختلف البلدان، لجاء بكتاب فخم ضخم،يعرب عن أنّ السنة الرائجة في تلك الأعصار قبل الإسلام و بعده،من عصر الرسول و الصحابة و التابعين لهم إلى يومنا هذا،هي مشروعيّة البناء على القبور و العناية بحفظ آثار علماء الدين، و لم ينبس أي ابن أُنثىٰ حول ذلك ببنت شفة،و ما اعتُرض عليها،بل تلقوها اظهاراً للمحبّة و الودّ لأصحاب الرسالات و النبوّات و أصحاب العلم و الفضل،و من خالف تلك السنة و عدّها شركاً أو أمراً محرّماً فقد اتّبع غير سبيل المؤمنين،قال سبحانه:
« وَ مَنْ يُشٰاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مٰا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدىٰ وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مٰا تَوَلّٰى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَ سٰاءَتْ مَصِيراً» (النساء115/).