19
أ - آيات القرآن
1 - الآية الكريمة «إِنّٰا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنّٰا لَهُ لَحٰافِظُونَ » 1.
وهذه الآية تتكون من جملتين:
الأولىٰ: نزول القرآن من اللّٰه سبحانه وتعالىٰ بتأكيدين «اِنّ» و«نحن»، والاستفادة من ضميري الجمع «نا» و«نحن» والتأكيد يدل بشكل مُسلّم وقطعي على عظمة هذا الأمر، ويزيل الشك والتردّد عند بعض الأشخاص الذين قد أشارت الآيات السابقة إليهم 2. فذاك البعض يشك أو ينكر أنّ اللّٰه سبحانه وتعالى له دخلٌ في القرآن الكريم ويذهب إلى أن بعض القُدُرات غير الإلٰهية لها يدٌ في ذلك، فنرىٰ أنّ اللّٰه سبحانه وتعالى يستفيد من ضمير الجمع والتأكيد وينفي تدخل أية قوة غيره في ذلك، وينصّ على نفي التّحريف وصيانة القرآن حال التنزيل.
الثانية: ونرى فيها أنّ الآية المباركة تتحدّث - بأداة التوكيد «إنّ» ولام التوكيد وضمير الجمع ووصف الجمع - عن أنّ اللّٰه سبحانه وتعالى حافظ وحارس للقرآن بشكل أكيد بعد نزوله، وسياق هذه الجملة يدل على عظمة الموضوع وقطع الشك والترديد، ولأنّ حفظ القرآن بعد النزول ذُكر بشكل مطلق، فهذا الإطلاق يشمل حفظ القرآن من التّحريف اللفظي أيضاً، ومعلوم أنّ أهمية أيّ حفظ لا يرقىٰ إلى درجة حفظ القرآن من هذا النوع من التّحريف. هذا وظاهرُ الآية يدلُّ على حفظِ القرآن الكريم باعتباره كلام اللّٰه ورسالته دون فرق بين آية وآية أو سورة وسورة.
وعلى هذا الاعتبار يكون حفظ القرآن بأجمعه هو المقصود من الآية الكريمة، ولا دليل على صحّة ما ذهب إليه بعضهم من أن هذه الآية تشير إلى حفظ مجموعة