16السجّادية التي بين يديك من نتائج ذلك ؛ فقد استطاع هذا الإمام العظيم بما أوتي من بلاغة فريدة، وقدرة فائقة على أساليب التعبير العربيّ، وذهنيّة ربانيّة تتفتّق عن أروع المعاني وأدقّها في تصوير صلة الإنسان بربّه ، ووجده بخالقه، وتعلّقه بمبدئه ومعاده ، وتجسيد ما يعبّر عنه ذلك من قيم خلقيّة وحقوق وواجبات .
أقول: قد استطاع الإمام عليّ بن الحسين بما اوتي من هذه المواهب أن ينشر من خلال الدعاء جوّاً روحياً في المجتمع الإسلامي، يساهم في تثبيت الإنسان المسلم عندما تعصف به المغريات، وشدّه إلى ربه حينما تجره الأرض إليها ، وتأكيد ما نشأ عليه من قيم روحيّة لكي يظل أميناً عليها في عصر الغنى والثروة، كما كان أميناً عليها وهو يشدّ حجر المجاعة على بطنه .
وقد جاء في سيرة الإمام أنّه كان يخطب الناس في كلّ جمعة ويعظهم، ويزهّدهمفيالدنيا،ويرغّبهمفي أعمال الآخرة ، ويقرع أسماعهم بتلك القطع الفنّية من ألوان الدعاء والحمد والثناء الّتي تمثّل العبوديّة المخلصة للّٰهسبحانه وحده لا شريك له .