14فإنّها عرّضتهم لخطرين كبيرين خارج النطاق السياسيّ والعسكريّ ، وكان لا بد من البدء بعمل حاسم للوقوف في وجههما :
أحدهما : الخطر الّذي نجم عن انفتاح المسلمين على ثقافات متنوّعة وأعراف تشريعيّة وأوضاع اجتماعيّة مختلفة بحكم تفاعلهم مع الشعوب الّتي دخلت في دين اللّٰه أفواجاً ، وكان لا بدّ من عمل على الصعيد العلميّ يؤكد في المسلمين أصالتهم الفكريّة، وشخصيّتهم التشريعية المتميّزة المستمدّة من الكتاب والسنّة ، وكان لابدّ من حركة فكريّة اجتهاديّة تفتح آفاقهم الذهنيّة ضمن ذلك الإطار، لكي يستطيعوا أن يحملوا مشعل الكتاب والسنّة بروح المجتهد البصير والممارس الذكيّ الّذي يستطيع أن يستنبط منها ما يفيده في كلّ ما يستجدّ له من حالات . كان لابدّ إذن من تأصيل للشخصيّة الإسلامية ومن زرع بذور الاجتهاد ، وهذا ما قام به الإمام علي بن الحسين عليه السلام فقد بدأ حلقة من البحث والدرس في مسجد الرسول صلى الله عليه و آله يحدث الناس بصنوف المعرفة الإسلامية من تفسير وحديث وفقه ويفيض عليهم من علوم آبائه الطاهرين ، ويمرّن النابهين منهم