26
و لو تعددت الرفقة و تمكن من المسير مع كل منهم اختار أوثقهم سلامة و ادراكا (1) . و لو وجدت واحدة و لم يعلم حصول أخرى أو لم يعلم التمكن من
المقدمات، فانه المولى الحقيقي الذي لا يعقل في مقامه الجهل و عدم الالتفات، بل هو العالم بكل شيء و هو القادر العزيز، فحكم العقل بذلك فيما نحن فيه محل تأمل و إشكال، فلا يمكن الاعتماد على ذلك في الحكم و ان كان له وجه.
بمعنى أن العبد كلما التفت الى المصلحة الملزمة مع التفاته أيضا بأنه يستحق العقاب بتفويته لكفى ذلك عن بعث المولى و أمره، و ليس عليه الأمر بذلك، بل لا يكاد يكون أمره مولويا إلا لغوا. و ان أمر بذلك و الحال هذه لكان إرشادا محضا الى ما يستقل به عقله لا مولويا، إذا فالقاعدة تامة و الإشكال مندفع.
و على فرض تسليمه و صرف النظر عن الاشكال فلا يفيد في بعض الموارد، مثل الصوم الذي يكون بدلا من الهدي الذي جاز أن يكون الثلاثة في أول ذي الحجة، مع أن المبدل لا يكون زمان وجوبه إلا يوم العاشر و ما بعده على اختلاف الأقوال. فما لم يجب المبدل الاختياري لا يمكن وجوب البدل الاضطراري، فلا محيص عن الالتزام بالواجب المعلق.
مضافا الى أنه لا ينطبق على وجوب المقدمات المفوتة المبني على حكم العقل بلزوم حفظ القدرة الى زمان ظرف الواجب، حتى يتمكن المولى بأن يأمر العبد بإتيان الواجب.
و من الواضح أنه لا يصدق على الصوم في محل الكلام هذا المعنى، و أما على القول بالواجب المعلق فلا اشكال في البين كما عرفت مفصلا.
هذا، و على كل حال يجب تحصيل كل ما يتوقف عليه الحج، و منها السفر بحيث يصل في الموسم الى مكة حتى يأتي بالمناسك كلها.
لا اشكال في انه في صورة تعدد الرفقة و التمكن من المسير مع كل منهم و كان مع بعضهم الوثوق بالسلامة و الإدراك دون بعض آخر، يجب أن يختار من كان معهم الوثوق بالسلامة و الإدراك، لأنه مع عدم الوثوق لا يأمن إدراك الحج، فيستحق العقاب بترك