28عليها و وجبت جنوبها حلّ أكلها و إطعامها، فيتمّ الإطلاق فيه عندئذ لنفي دخل قيد و شرط آخر في ثبوت تلك الحلّية و جواز الأكل؛ إذ ثبوت شرط آخر يستلزم إمّا تقييد إطلاق ترتّب الحلية و جواز الأكل على التسمية لقيد من قبيل إذا تحقّقت سائر الشروط، أو حمل الأمر بالأكل و الحلّية على الحكم الحيثي لا الفعلي الحقيقي، و كلاهما خلاف الظاهر، إذ الأوّل خلاف إطلاق الترتّب و التفريع، و الثاني خلاف ظاهر ما يدلّ على الحكم و هو الأمر، فإنّ ظاهره الحلّية الحقيقية الفعلية، لا الحيثية و من ناحية ذلك الشرط فقط، فإنّها ليست حلّية حقيقية لا جعلا و لا مجعولا، إذ الحكم لا ينحلّ و لا يتعدّد بتعدد قيود موضوعه.
نعم، لو كانت هناك حلّيتان مستقلّتان جعلا و موضوعا، كالحلّية من ناحية التذكية و الحلّية من ناحية الطهارة لم يكن الإطلاق من ناحية إحداهما نافيا للأخرى، و بهذا ظهر الفرق بين المقام و بين ما هو المقرّر من عدم الإطلاق في قوله تعالى فَكُلُوا مِمّٰا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ لنفي نجاسة موضع الإمساك و الحلّية من ناحيتها.
5-قوله تعالى في سورة الأنعام:
قُلْ لاٰ أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلىٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّٰ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اَللّٰهِ بِهِ فَمَنِ اُضْطُرَّ غَيْرَ بٰاغٍ وَ لاٰ عٰادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
37
.
6-و قوله تعالى في سورة النحل:
فَكُلُوا مِمّٰا رَزَقَكُمُ اَللّٰهُ حَلاٰلاً طَيِّباً وَ اُشْكُرُوا نِعْمَتَ اَللّٰهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيّٰاهُ تَعْبُدُونَ. إِنَّمٰا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ اَلْمَيْتَةَ وَ اَلدَّمَ وَ لَحْمَ اَلْخِنْزِيرِ وَ مٰا أُهِلَّ لِغَيْرِ اَللّٰهِ بِهِ فَمَنِ اُضْطُرَّ غَيْرَ بٰاغٍ وَ لاٰ عٰادٍ فَإِنَّ اَللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
38
.
وهما كالآية المتقدّمة من سورة البقرة، فإنّ هذه الآيات الثلاث بمضمون واحد و ألفاظ واحدة، و هي ظاهرة في الحصر، بل آية الأنعام صريحة فيه، لأنّ