256
عيّن بيتا و ابتلى ودادهم
أذّن غرّ آذنوا فؤادهم
التبتّل المذكور و أقبل الخلق على الشهوات بعث اللّه تعالى نبيّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله لإحياء طريق الآخرة و تجديد سنّة المرسلين في سلوكها 1، فسأله أهل الملل عن الرهبانيّة المباحة في دينه، فقال 2: «أبدلنا بها الجهاد و التكبير على كلّ شرف» يعني الحجّ، فإنّه ترك الموطن و الأهل و المال و غيرها.
(عيّن) أي الحقّ (بيتا) لنفسه الأقدس مع كونه وجودا بسيطا محيطا مجرّدا عن الماهيّة، فضلا عن المادّة و العوارضمن الأحياز و الجهات و الكميات و الكيفيّات- (و) لكن (ابتلى) و اختبر (و ودادهم) و مثّل لهم جلاله بأوضاع الملوك.
(أذّن غرّ) أي أنبياؤه الغرّ المكرّمون- -كما في الآثار 3«إنّ إبراهيم عليه السّلام لمّا فرغ من بناء البيت جاءه جبرئيل عليه السّلام فأمره أن يؤذّن في الناس. فقال إبراهيم: «يا ربّ، ما عسى أن يبلغ صوتي» . قال اللّه تعالى: «أذّن و عليّ البلاغ» فعلا إبراهيم المقام حتّى صار كأطول ما يكون من الجبال و أقبل بوجهه يمينا و شمالا و شرقا و غربا و نادى: «يا أيّها الناس كتب عليكم الحجّ إلى البيت العتيق فأجيبوا ربّكم» ، فأجابه من كان في أصلاب الرجال و أرحام النساء: «لبّيك اللهمّ لبّيك» .» .
و كما في القرآن المجيد وَ أَذِّنْ فِي اَلنّٰاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجٰالاً وَ عَلىٰ كُلِّ ضٰامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [22/27].