168فلو قلنا: إن المفردة تجب على النائي بأصل الشرع، لكنّا ربّما أوجبنا عليه عمرتين بأصل الشرع، كما لو استطاع للمفردة فأتىٰ بها ثمّ استطاع للحجّ، بل ربّما كان ذلك في عام واحد، و هذا خلاف ما عليه الفرقة فتوًى و عملاً في سائر الأعصار. فحينئذ إمّا أن نوجب علىٰ من استطاع للمفردة من أهل الآفاق عمرتين بأصل الشرع، أو نسقط عنه فرض التمتّع، و كلاهما خلاف الإجماع و النصّ. فهو مخالف لنصّ الكتاب و السنّة و الإجماع.
إيضاح حول عبارة الشرائع
و لذا ترى كلّ من تكلّم في أحكام العُمرة يقول: العُمرة واجبة بأصل الشرع في العمر مرّة بشرط الاستطاعة، ثمّ يقسّمها إلىٰ متمتّع بها و مفردة، و يحكم بأن المتمتّع بها فرض من نأى، و المفردة فرض حاضري المسجد.
و لهذا لمّا كان في عبارة (الشرائع) ما يوهم شبه التدافع، تعرّض الشهيد في الشرح لكشفه قال المحقّق بعد أن قال: (و شرائط وجوبها شرائط وجوب الحجّ و مع الشرائط تجب في العمر مرّة، و قد تجب بالنذر) .
و ذكر ما في أسباب وجوبها و عدد أفعالها الواجبة، ثمّ قال-: (و تنقسم إلىٰ متمتّع بها و مفردة؛ فالأُولىٰ تجب علىٰ من ليس من حاضري المسجد الحرام، و لا تصحّ إلّا في أشهر الحجّ و تسقط المفردة معها) 1.
قال الشارح قدس سره: (يفهم من لفظ السقوط أن المفردة واجبة بأصل الشرع علىٰ كلّ مكلّف، كما أن الحج مطلقاً يجب عليه، و أنها إنما تسقط عن المتمتّع إذا اعتمر عمرته تخفيفاً، و من قوله: (و المفردة تلزم حاضري المسجد الحرام) ، عدم وجوبها على النائي من رأس، و بين المفهومين تدافع ظاهر، و كأن الموجب لذلك كون عُمرة التمتّع أخفّ من المفردة، و كانت المفردة بسبب ذلك أكمل، و هي المشروعة بالأصالة