417
رِسٰالَتَهُ (المائدة67/).
فكيف يمكن لرسول الله صلى الله عليه و آله أن يكتم عن المسلمين جميعاً هذا القرآن؟و كيف يمكن لأمير المؤمنين رضي الله عنه و الأئمة من بعده أن يكتموه عن شيعتهم؟!
و أقول:الأمر بالتبليغ في الآية لم يتعلّق بتبليغ كل ما أنزل إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم،و إنما المراد هو تبليغ أمرٍ مخصوص أُريد من النبي صلى الله عليه و آله و سلم تبليغه للناس،و إلا لو كان المراد هو تبليغ الرسالة كلها لكان معنى الآية متهافتاً،فإنه لا معنى لأن يقال:بلِّغْ كل ما أنزل إليك،فإن لم تبلغ كل ذلك فإنك حينئذ لم تبلغ رسالته،فإنه من البديهي أنه إذا لم يبلغ كل ما أُنزل إليه فهو لم يبلغ الرسالة.
و منه يتضح أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم إنما أُمر بتبليغ شيء مخصوص،و هو تنصيب أمير المؤمنين عليه السلام خليفة من بعده كما دلَّت عليه بعض الأحاديث التي سنذكر بعضها،و بما أن هذا ليس هو موضوع بحثنا فلا داعي للخوض فيه و إثباته،و لا سيما بعد دلالة بعض أحاديث أهل السنة عليه.
ثمّ كيف يكون المراد بالتبليغ ما ذكره الكاتب و الآية من سورة المائدة التي نزلت في أخريات الدعوة.
قال السيوطي في الدر المنثور:أخرج ابن جرير و ابن المنذر عن قتادة قال:المائدة مدنية.
و أخرج أحمد و أبو عبيد في فضائله،و النحاس في ناسخه،و النسائي و ابن المنذر و الحاكم و صحَّحه و ابن مردويه و البيهقي في سننه عن جبير بن نفير قال:حججتُ فدخلتُ على عائشة فقالت لي:يا جبير تقرأ المائدة؟فقلت:نعم.فقالت:أما إنها آخر سورة نزلت،فما وجدتم فيها من حلال فاستحِلّوه،و ما وجدتم من حرام فحرِّموه.
و أخرج أحمد و الترمذي و حسَّنه و الحاكم و صحَّحه و ابن مردويه و البيهقي في