22
الصادق (عليه السّلام) مثله مستفيضاً، و قال لعيسى بن أبي منصور: «يا عيسى، إنّي أحبّ أن يراك اللّٰه فيما بين الحجّ إلى الحجّ و أنت تتهيأ للحج» .
و منها: البدأة بزيارة النّبي (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم) لمن حجّ على طريق العراق.
و منها: أن لا يحجّ و لا يعتمر على الإبل الجلالة، و لكن لا يبعد اختصاص الكراهة بأداء المناسك عليها و لا يسري إلى ما يسار عليها من البلاد البعيدة في الطريق.
و من أهمّ ما ينبغي رعايته في هذا السفر احتسابه من سفر آخرته بالمحافظة على تصحيح النّية و إخلاص السريرة و أداء حقيقة القربة و التجنّب عن الرياء و التجرّد عن حبّ المدح و الثناء، و أن لا يجعل سفره على ما عليه كثير من مترفي عصرنا من جعله وسيلة للرفعة و الافتخار بل و صلة إلى التجارة و الانتشار و مشاهدة البلدان و تصفّح الأمصار، و أن يراعي إسراره الخفية و دقائقه الجليّة كما يفصح عن ذلك ما أشار إليه بعض الأعلام:
إنّ اللّٰه تعالى سنّ الحجّ و وضعه على عباده إظهاراً لجلالة و كبريائه و علوّ شأنه و عِظَم سلطانه، و إعلاناً لرق النّاس و عبوديّتهم و ذلهم و استكانتهم، و قد عاملهم في ذلك معاملة السلاطين لرعاياهم و الملاّك لمماليكهم، يستذلونهم بالوقوف على باب بعد باب و اللبث في حجاب بعد حجاب، و إنّ اللّٰه تعالى قد شرّف البيت الحرام و أضافه إلى نفسه و اصطفاه لقدسه و جعله قياماً للعباد و مقصداً يؤمّ من جميع البلاد، و جعل ما حوله حرماً و جعل الحرم آمناً و جعل فيه ميداناً و مجالاً و جعل له في الحلّ شبيهاً و مثالاً، فوضعه على مثال حضرة الملوك و السلاطين، ثمّ أذّن في النّاس بالحج ليأتوه رِجالاً و رُكباناً من كل فَجّ و أمرهم بالإحرام و تغيير الهيئة و اللباس شُعثاً غُبراً متواضعين مستكينين رافعين أصواتهم بالتّلبية و إجابة الدعوة، حتّى إذا أتوه كذلك حجبهم عن الدخول و أوقفهم في حجبه يدعونه و يتضرّعون إليه، حتّى إذا طال