16
كلمة البحّاثة الكبير السيد حسن الأمين
كربلاء المدينة المقدّسة ذات التاريخ الحافل، بحاجةٍ إلى التعريف بها، والتنويه بشأنها بصورةٍ تتّفق مع مكانتها في الماضي والحاضر، وهذا ما قام به فريقٌ من محقّقي هذه المدينة، فألّفوا عدّة كتبٍ تؤرّخ لها وتدلّ عليها، ومع ذلك فقد ظلّت جوانب كثيرةٌ منها بحاجة إلى تخصيصها بالعديد من البحوث والدراسات.
فكربلاء منذ اليوم الذي حلّ فيها ركب الحسين(ع)، وصمّم على الصمود في وجه الطغيان ونفّذ تصميمه، فغدت بذلك محجّةً للقلوب تهوي إليها من كلّ مكانٍ، وأصبحت ملتقىً للاُلوف ينزلونها من كلّ فجٍّ عميق، مستوحين من ذكرى صاحب القبر أسمى معاني الرجولة والبسالة والشمم، ومستلهمين من روعة المكان أرفع مبادئ التحرّر والتمرّد على الطغيان والاستبداد.
إنّ كربلاء منذ ذلك اليوم حظيت بعناية المنقّبين والباحثين والناثرين والشاعرين، وكانت بذلك جديرة، وظلّت الأقلام تتعاقب على ذكرها من عصرٍ إلى عصر، حتّى هذا العصر، فكان بين أيدينا من ذلك ذخيرةٌ ثمينةٌ، وتشاء الأقدار لها أن تكون إلى جانب ما حظيت به من قداسةٍ وتكريم، وما قام فيها من مشاهد ومراقد، أن تكون مبعثاً لنهضاتٍ علميةٍ وفكريّةٍ وأدبيّةٍ وسياسيّةٍ؛ فقد جاء وقت كانت فيه مدرسة الشيعة الكبرى، ومقرّ كبار مجتهديهم المدرّسين المفتين. كما أنّها لم تخلُ في كلّ عصرٍ من حلقاتٍ علميّةٍ واسعةٍ، ومناهج تدريسيّةٍ مطبَّقةٍ، فنبغ فيها العديدُ