86لقد تحدّثت الآية المباركة عن تلك البيوت بلحن يشعر بالتعظيم والتكريم وأشارت إلى سمات الرجال الإلهيّين الذين يسكنونها بأنّ دأبهم التسبيح والتمجيد والتهليل والتكبير، والمراد من البيوت في الآية هو بيوت الأنبياء.
روى الحافظ جلال الدين السيوطي قال: أخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك وبريدة: أنّ رسول الله(ص) قرأ هذه الآية: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّٰهُ أَنْ تُرْفَعَ فقام إليه رجل، قال: أيّ بيوت هذه يا رسول الله؟ قال: «بيوت الأنبياء» فقام إليه أبو بكر، وقال: يا رسول الله، وهذا البيت منها؟ - مشيراً إلى بيت عليّ وفاطمة - فقال رسول الله
:«نعم ومن أفاضلها». 1
وعلى هذا فالمراد من البيوت هو بيوت الأنبياء وبيوت النبيّ الأكرم وبيت عليّ وما ضاهاها، فهذه البيوت لها شأنها الخاص لأنّها تخصّ رجالاً يسبّحون الله ليلاً ونهاراً غدواً وآصالاً يعيش فيها رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وقلوبهم مليئة بالخوف من يوم تتقلّب فيه القلوب والأبصار.
وقد ثبت في التاريخ أنّ النبي(ص) دفن في نفس البيت الذي قبض فيه، كما أنّ الإمامين العسكريين دفنا في البيت الذي قبضا فيه وكان بيتهما معبداً لهما. وقد روى أحمد أنّ عبد الله بن سعد سأل رسول الله(ص) وقال: أيّما أفضل الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد؟ فقال:
«فقد ترى ما أقرب بيتي من المسجد ولئن أُصلّي في بيتي أحب إليّ من أن أُصلي في المسجد إلاّ أن تكون صلاة مكتوبة». 2وقد عقد مسلم في صحيحه باباً لاستحباب إقامة النافلة في البيت وروى فيه روايات. 3
فعلى ضوء هذه الآية يجب رفع البيوت التي كان النبي(ص) وعترته الطاهرة دفنوا فيها، وهم كانوا يتلون فيها ليلاً ونهاراً آيات الله ويسبّحونه.
بقي الكلام: فيمَ هو المراد من الرفع؟
لقد ذكر المفسّرون للرفع معنيين تاليين: