80وقال النيسابوري: الَّذِينَ غَلَبُوا عَلىٰ أَمْرِهِمْ المسلمون وملكهم المسلم؛ لأنّهم بنوا عليهم مسجداً يصلّي فيه المسلمون، ويتبرّكون بمكانهم، وكانوا أولى بهم وبالبناء عليهم حفظاً لتربتهم بها، وضنّاً بها. 1
إلى غير ذلك من الكلمات في تفاسير الأعاظم، والّتي يتراءى منها أنّ بناء المسجد كان على باب الكهف أو عند الكهف، على خلاف ظاهر الآية، فإنّ ظاهرها يدلّ على أنّ المقترح هو بناء المسجد على قبورهم.
كيفية الاستدلال
الاستدلال بالآية ليس مبنيّاً على استصحاب حكم شرع مَن قبلنا، بل مبني على أمر آخر وهو أنّا نرى أنّ القرآن الكريم يذكر اقتراح الطائفتين بلا نقد ولا ردّ، ومن البعيد جدّاً أن
يذكر الله تعالى كلاماً للمشركين ويمرّ عليه بلا نقد إجمالي ولا تفصيلي، أو يذكر اقتراحاً للموحّدين وكان أمراً محرّماً في شرعنا من دون إيعاز إلى ردّه.
إنّ هذا النوع من النقل تقرير من القرآن على صحّة اقتراح أُولئك المؤمنين، ويدلّ على أنّ سيرة المؤمنين الموحّدين في العالم كلّه كانت جارية على هذا الأمر، وكان يُعتبر عندهم نوعاً من الاحترام لصاحب القبر وتبرّكاً به.
دليل المخالف
تمسّك الوهابيون على حرمة الصلاة عند قبور الأولياء بالروايات التالية:
روى البخاري: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجداً». قالت عائشة: لولا ذلك لابرزوا قبره، غير أنّي أخشى أن يتّخذ مسجداً. 2
وروى مسلم عنه(ص):
«ألا ومن كان قبلكم كانوا يتّخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتّخذوا القبور مساجد، إنّي أنهاكم عن ذلك». 3)