79
2. إقامة الصلاة على قبور أصحاب الكهف
إنّ أصحاب الكهف بعد أن انكشف خبرهم اختلف الناس في كيفية احترامهم وتكريمهم وانقسموا إلى صنفين:
1. صنف قالوا: ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيٰاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ . 1
وهذا التعبير أي رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ يكشف عن أنّ القائلين به لم يكونوا من الموحّدين، حيث حقّروا أُمورهم بقولهم: ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيٰاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ : أي ربنا أعلم بأحوالهم من خير وشرّ وصلاح وفساد.
2. صنف آخر دعوا إلى بناء مسجد على الكهف كي يكون مركزاً لعبادة الله بجوار قبور الذين رفضوا عبادة غير الله وخرجوا من ديارهم، هاربين من الكفر ولاجئين إلى توحيد الله وطاعته، وقد حكى عنهم الذكر الحكيم بقوله: قٰالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً فالضمير في قوله سبحانه: غَلَبُوا عَلىٰ أَمْرِهِمْ
يرجع إلى أصحاب الكهف، أي وقفوا على مكانتهم وكشفوا الستر عن حقيقة أمرهم، فقالوا: لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً وقد اتّفق أعاظم المفسّرين على أنّ القائلين بذلك هم الموحّدون، قال الطبري: فقال المشركون: نبني عليهم بنياناً فإنّهم أبناء آبائنا، وقال المسلمون: بل نحن أحقّ بهم هم منّا نبني عليهم مسجداً نصلّي فيه ونعبد الله فيه. 2
وقال الرازي: وقال آخرون: بل الأولى أن يبنى على باب الكهف مسجد، وهذا القول يدلّ على أنّ أُولئك الأقوام كانوا عارفين بالله معترفين بالعبادة والصلاة. 3
وقال الزمخشري: قٰالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلىٰ أَمْرِهِمْ من المسلمين وملكهم وكانوا أولى بهم وبالبناء عليهم لَنَتَّخِذَنَّ على باب الكهف مَسْجِداً يصلّي فيه المسلمون ويتبرّكون بمكانهم. 4