73إليه مَن عنده علم من الكتاب.
أمّا الأوّل فأجاب: أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقٰامِكَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ 1.
فأخبر أنّه يأتي بعرش بلقيس من اليمن إلى فلسطين قبل أن ينفضّ مجلس سليمان، ومعنى ذلك أنّه يأتي به ضمن ساعة أو ساعتين.
وأمّا الثاني فأجاب بقوله: أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ، ولم يرتدّ طرف سليمان(ع) إلاّ وقد رأى حضور العرش لديه كما يقول: فَلَمّٰا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قٰالَ هٰذٰا مِنْ فَضْلِ رَبِّي 2، فلو صحّ ما ذكره المودودي من أنّ طلب الأعمال الخارقة التي لا يقوم بها إلاّ الله شرك، لزم -نعوذ بالله- القول بشرك سليمان(ع)، والله سبحانه يقول: وَ مٰا كَفَرَ سُلَيْمٰانُ وَ لٰكِنَّ الشَّيٰاطِينَ كَفَرُوا 3 ونحن نقتصر في نقد هذا القول بهذا المقدار، وإلاّ ففي القرآن الكريم والسنّة النبوية شواهد كثيرة على وجود القدرة الغيبية التي يتمتّع بها المرتاضون تارة - ومَن كرس نفسه لطاعة الله سبحانه أُخرى.
وبذلك يُعلم أنّ الاستغاثة بالأنبياء والتوسّل بهم وطلب الحاجات منهم، مع كونهم راحلين إلى لقاء الله ليس شركاً; لأنّهم يطلبون منهم حاجاتهم زاعمين بأنّ الله سبحانه منحهم تلك القدرة. وهذا النوع من الاعتقاد لا يخلو من صورتين:
1. أن يكونوا صادقين في اعتقادهم، فعندئذ يتمّ المطلوب.
2. أن يكونوا خاطئين فيكون الطلب خطأ لا شركاً.
التوسّل بالأنبياء والأولياء بالصور الثلاثة
ومن فروع هذه المسألة، مسألة التوسّل بالأنبياء والأولياء، فالوهابيّون يرون أنّ التوسّل على أقسام ستة: ثلاثة منها جائزة بلا إشكال، والثلاثة الأخيرة إمّا محرمة أو موجبة للشرك.