71الجواب أوّلاً: أنّ الشيخ المودودي لم يفرّق بين القدرة الغيبية المستقلة القائمة بنفس القادر، وبين القدرة التي يكتسبها الإنسان في ظل الطاعة ويستخدمها بإذن من الله تعالى.
فالقدرة الغيبية بالمعنى الأوّل تختصّ بالله سبحانه، وأمّا بالمعنى الثاني فالاعتقاد بها ليس بالشرك بل هو نفس التوحيد، لأنّه سبحانه قادر على كلّ شيء، فأي مانع أن يمنح قدرة غيبية لنبيّه إعجازاً أو كرامة أو لغاية أُخرى، بأن يغيث المستغيث في أرض جرداء.
وما ذكرنا هو الأساس في كثير من المسائل التي يتخبّط فيها الوهابيّون فهم لا يفرّقون بين المستقل والمأذون.
وما ذكره في ثنايا كلامه من أنّه لو طلب الإنسان العطشان في الصحراء ماءً من خادمه، فإنّ طلبه هذا ليس طلباً لخرق القوانين الطبيعية فهو جائز وليس شركاً، فلابدّ فيه من القول بالتفصيل المذكور.
فلو اعتقد الرجل العطشان بأنّ الخادم يقوم بسقيه بقدرة مستقلة قائمة بنفسه فهو شرك قطعاً، وأمّا لو اعتقد بأنّه يقوم بهذا العمل بإذن من الله سبحانه وإقدار منه فهو نفس التوحيد.
وبما ذكرنا ظهر أنّ الفارق بين التوحيد والشرك هو كون الفاعل مستقلاً في عمله أو كونه مأذوناً من غير فرق بين الأُمور العادية والغيبية.
وثانياً: أنّ الذكر الحكيم ينسب أُموراً غيبية نابعة عن قدرة فوق الطبيعية لأُناس، نظير:
1. القدرة الغيبية للنبي يوسف(ع)
قال يوسف لإخوته اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هٰذٰا فَأَلْقُوهُ عَلىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً 1، فَلَمّٰا أَنْ جٰاءَ الْبَشِيرُ أَلْقٰاهُ عَلىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً 2.
إنّ ظاهر الآيتين يدلّ على أنّ النبيّ يعقوب(ع) استعاد بصره الكامل بالقدرة الغيبية التي استخدمها يوسف(ع) من أجل ذلك، ومن الواضح أنّ استعادة يعقوب بصره لم تكن من