17ولالزمت الأسماء أهاليها على معنى مبين 1 ولذلك لو أنزل الله من السماء آية فظلّت أعناقهم لها خاضعين ولو فعل لسقط البلوى عن النّاس أجمعين ولكن الله جلَّ ثناؤه جعل رسله اولي قوَّة في عزائم نيّاتهم وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم من قناعة تملأ القلوب والعيون غناؤه 2 وخصاصة 3 تملأ الأسماع والأبصار أذاؤه ولو كانت الأنبياء أهل قوَّة لا ترام 4 وعزَّة لا تضام 5 وملك يمدّ نحوه أعناق الرّجال 6 ويشدُّ إليه عقد الرحال 7 لكان أهون على الخلق في الاختبار وأبعد لهم في الاستكبار ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم أورغبة مائلة بهم فكانت النّيات مشتركة والحسنات مقتسمة ولكن الله أراد أن يكون الاتّباع لرسله والتصديق بكتبه والخشوع لوجهه والاستكانة لأمره والاستسلام لطاعته اموراً له خاصّة، لا تشوبها من غيرها شائبة وكلّما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل، ألا ترون أنَّ الله جلَّ ثناؤه اختبر الأوّلين من لدن آدم إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار لاتضرُّ ولا تنفع ولا تبصر ولا تسمع فجعلها بيته الحرام الّذي جعله للنّاس قياماً، ثمَّ وضعه بأوعر 8 بقاع الأرض حجراً وأقلِّ نتائق 9 الدُّنيا مدراً وأضيق بطون الأودية معاشاً وأغلظ محالِّ المسلمين مياهاً، بين جبال خشنة ورمال دمثة 10 وعيون وشلة 11 وقرى منقطعة وأثر 12 من مواضع قطر