55والأرض برّهم وفاجرهم فهو غير ظالم لهم لاٰ يُسْئَلُ عَمّٰا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ . (الانبياء:23)
وتتوالى قذائف البربهاري على المسلمين، كلّ قذيفة أشدّ من سابقتها.
يقول ناصحاً: إذا سمعت الرجل يطعن على الآثار ولا يقبلها، أو ينكر شيئاً من أخبار رسول الله(ص) فاتّهمه على الإسلام، فإنّه رجل رديء المذهب والقول.
ويقول: والإيمان بأنّ الله هو الذي كلّم موسى بن عمران يوم الطور، وموسى يسمع من الله الكلام بصوت وقع في مسامعه منه لا من غيره، فمَن قال غير هذا فقد كفر بالله العظيم.
ويقول: واعلم أنّها لم تكن زندقة ولا كفر ولا شكوك ولا بدعة ولا ضلالة ولا حيرة في الدين، إلاّ من الكلام وأهل الكلام والجدل والمراء والخصومة.
ولم يفت البربهاري أن يُنزل لعناته على الجهمية، ويحرّض المسلمين عليهم، وهو يردّد أقوال ابن حنبل فيهم: الجهمي كافر ليس من أهل القِبلة، حلال الدم لا يرث ولا يورث.
ولم يفته تحذير المسلمين من أصحاب العقل وأهل الرأي بقوله: وإيّاك والنظر في الكلام، والجلوس إلى أصحاب الكلام، وعليك بالآثار وأهل الآثار، وإيّاهم فاسأل، ومعهم فاجلس، ومنهم فاقتبس.
والهدف من هذه القذائف المتنوّعة هو الحفاظ على آثار الحنابلة بعيداً عن أقوال وآراء الآخرين التي تهدّدهم وتشكّك المسلمين فيهم.
وضرب الآخر وإرهابه وكذلك إرهاب الأتباع يُعدّ مسألةً مصيرية بالنسبة للحنابلة أعداء العقل والاعتدال، وأنصار الجمود والتطرّف الذين بنوا لأنفسهم حصناً وهميّاً بالروايات وأقوال الرجال يخشون أن تذهبه رياح العقل والبصيرة.
ومن طرائف البربهاري أنّه دعا في رسالته إلى تقليل النظر في النجوم؛ لأنّ إطالة النظر فيها يؤدّي إلى الزندقة - حسب قوله - .
ودعا إلى الكفّ عن الخوض في أمر معاوية وأصحاب الجمل.