54البربهاري الذي استمدّ حكمه بتكفير القائلين بخلق القرآن من ابن حنبل، الذي يُعدُّ أوّل مَن أسّس لنهج التكفير في تاريخ المسلمين بعد الخوارج.
ويعرض البربهاري من خلال رسالته لعقيدة ابن حنبل التي تنصّ على رؤية الله سبحانه يوم القيامة بالعين أو بأعين رؤوسهم، وهو يحاسبهم بلا حاجبٍ ولا ترجمان، وأنّ الميزان يوم القيامة له كفّتان وله لسان، وأنّ الله خلق آدم على صورته وينزل إلى الدنيا.
و أنّ خير هذه الأُمّة بعد وفاة نبيّها(ص): أبو بكر، ثمّ عمر، ثمّ عثمان، ثمّ أفضل الناس بعد هؤلاء: علي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، وكلّهم يصلح للخلافة، ثمّ أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب رسول الله.
والسمع والطاعة للأئمّة ومَن ولي الخلافة بإجماع المسلمين عليه ورضاهم به، فهو أمير المؤمنين، ولا يحل لأحد أن يبيت ليلة ولا يرى أنّ عليه إماماً بَرّاً كان أو فاجراً، والحجّ والغزو مع الإمام ماضٍ، وصلاة الجمعة خلفهم جائزة.
والخلافة في قريش إلى أن ينزل عيسى(ع)، ومَن خرج على إمام من أئمّة المسلمين فهو خارجي قد شقّ عصا المسلمين، وخالف الآثار وميتته ميتة جاهلية.
ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه وإن جار.
والرجم حقّ، والمسح على الخفّين سنّة.
ومثل هذه العقائد التي تعصّب لها الحنابلة على مستوى الماضي، وأعلنوا الحرب على رافضيها لا تخرج عن كونها مجموعة من الأفكار الوضعية التي تفوح منها رائحة السياسة، وهي تقوم على أساس روايات ليست محلّ تسليم الآخرين.
ولا يحقّ للحنابلة ومَن تبنّى هذه العقائد أن يهدّد الآخرين بها ويرهبهم، ويحاول فرضها عليهم باسم الإسلام؛ فهذه العقائد شيء والإسلام شيء آخر.
ويواصل البربهاري ناسباً الظلم لله تعالى فيقول: ولو عذّب - الله - أهل السموات